يعرف الكثير من الاقتصاديين حول العالم “مؤشر بيج ماك”، وهو مؤشر بدأه الفضول وحبّ التهكم، وكان ذلك في الصحيفة الأسبوعية “الإيكونوميست” عام 1986 من أجل مقارنة أسعار هامبورجر ماكدونالز في جميع دول العالم. يُنشر المؤشّر كلّ عام، وهو يفحص كم تبلغ قيمة ساندويتش “بيج ماك” التابع للشبكة الغذائية في كل بلد في العالم.
وبذلك يمكن المقارنة إذا ما كان سعر الصرف الحقيقي بين الدولار وسائر العملات في العالم هو عادل أم مفرط. على سبيل المثال، في المملكة العربية السعودية يبلغ سعر ساندويتش “بيج ماك” 11 ريال، وهو يساوي نحو 2.93 دولار. في الولايات المتحدة السعر هو 4.62. إذا كانت العلاقة بين معدّلات صرف العملات دقيقة، فكانت قيمة الريال ستبلغ 2.38 للدولار، ولكن المعدّل في الواقع هو 3.75 ريال للدولار. ومعنى ذلك أنّ الريال يتم تداوله بتقدير منخفض 36.6% مقابل الدولار الأمريكي.
والآن تُنبئ مجلة “فوربس” بمؤشر جديد؛ مؤشر الفلافل، والذي سيقارن بين أسعار الصرف في العملات المختلفة في العالم العربي، وبين أسعار وجبة الفلافل في كلّ دولة. وتوضح “فوربس” أنّ مؤشر “بيج ماك” ليس له صلة كافية بالشرق الأوسط. ففي حين يمكن المقارنة في الدول الغربية بين وجبات الـ “بيج ماك” باعتبارها طعامًا بسيطا، رخيصًا وأساسيًّا، فإنّه في دول عربية معيّنة يمكن اعتباره طعامًا أمريكيًّا مرغوبًا فيه، ولذلك فهو أعلى سعرًا.
ليس طعام ماكدونالز في العالم العربي شعبيّا كما في سائر أنحاء العالم. من يأكل في فروع الشبكة في الدول العربية هم عادةً السيّاح، الأثرياء أو الأشخاص الذين ينتهجون نمط حياة قريبًا من الثقافة الأمريكية. خلاصة القول أنّ “بيج ماك” ليس مؤشّرًا جيّدا للمقارنة بين الدول العربيّة.
وهنا دخل مؤشر جديد إلى الصورة، وقد استخدم للمرة الأولى من قبل مجلّة “المجلّة”: مؤشر الفلافل. بدلا من المقارنة بين أسعار ساندويتش “بيج ماك”، يقارن المؤشر بين أسعار وجبة الفلافل في كلّ دولة. ولذلك، طرحت المجلّة سؤالا: كم هي وجبات الفلافل التي يمكن الحصول عليها مقابل 10 دولارات؟
المكان الأرخص، كما يتّضح، هو فلسطين. في مدينة رفح في قطاع غزة وفي مخيّم الدهيشة للاجئين في الضفة الغربية، يمكنك أن تحصل على 17 وجبة فلافل مقابل 10 دولارات. المكان الأغلى، بشكل غير مفاجئ، هو إسرائيل: في بلدات مثل تل أبيب وحيفا يمكنك أن تحصل على وجبتي فلافل مقابل مبلغ مماثل. في عُمان أيضًا فإنّ الفلافل باهظ السعر بالمقارنة مع سائر الدول العربية، وهناك أيضًا فإنّ عشرة دولارات يمكنها شراء وجبتي فلافل فقط.
وإليكم أماكن أخرى ظهرت في المقارنة التي نُشرت في “فوربس”؛ كم وجبة فلافل يمكن الحصول عليها مقابل 10$؟
تل أبيب وحيفا: وجبتان.
دبي: 3 وجبات.
الدوحة، الرباط، الكويت وبيروت: 4 وجبات.
الرياض وصنعاء: 5 وجبات.
القاهرة ورام الله: 6 وجبات.
عمّان: 8 وجبات.
بغداد: 11 وجبة.
دمشق: 14 وجبة.
رفح، الدهيشة: 17 وجبة.
تُظهر المعطيات ملاءمة قوية جدّا بين الحالة الاقتصادية للدولة والتي تنعكس في الناتج المحلّي الإجمالي، وسعر وجبة الفلافل. في الأماكن الأكثر فقرًا؛ غزة ودمشق، فإنّ أسعار الوجبات هي الأرخص. ومع ذلك، فالأسعار في دبي وقطر ما زالت رخيصة مقابل إسرائيل، رغم أنّ حالتهما الاقتصادية أفضل من حالة إسرائيل. الاستنتاج الواضح هو أنّ الشاقل الإسرائيلي هو عملة يتمّ تداولها بتقدير مبالغ به. وبالمقابل، فإنّ الريال السعودي والقطري يتمّ تداوله بتقدير ناقص، بسبب التضخّم المتزايد في تلك البلدان.