“هناك في سيارة عادية ما يعادل 25.000 جزء. يكفي ضمان ألا تستطيع الشركة إنتاج بعضها، وليس جميعها، أي أجزاء قليلة فقط فتصبح السيّارة معطلة”. هذا ما قاله رئيس الموساد السابق الراحل، مئير داغان، حول اغتيال العلماء ومطوري الوسائل القتالية. اعتقد داغان حينذاك أن هناك أهمية كبيرة لبذل الجهود مع الولايات المتحدة لمنع إيران من استيراد أجزاء هامة للمشروع النووي، تلك الأجزاء التي ليس في وسعها إنتاجها.
بعد اغتيال العالم السوري، د. عزير أسبر، أول البارحة (السبت)، بتفجير سيارته، سارعت وسائل الإعلام العربية إلى اتهام إسرائيل. ادعت صحف لبنانية أن “مبعوثي الموساد” اغتالوا الأسبر، ونقل الموقع الإخباري الروسي “سبوتنيك” تقارير شبيهة. بالمقابل، حافظت جهات رسمية في دمشق وطهران على الصمت طيلة اليوم، ويبدو أن هذا ليس صدفة. كان أسبر مسؤولا عن القسم 4 السري في مدير البحوث العلمية في منطقة مصياف، بالقرب من حماة. قال النظام السوري إنه أدار “أبحاثا اقتصادية واجتماعية” ولكن فعليا، يجري الحديث عن مختبرات لتطوير صواريخ طويلة المدى وأسلحة غير تقليدية.
بسبب قربه من حزب الله وإيران، كان أسبر معروفا لأجهزة الاستخبارات الغربية. وفق التقارير كان مسؤولا عن تخزين الوسائل القتالية الإيرانية ونقلها إلى حزب الله في سوريا، حتى أنه نسق نقل الوسائل القتالية وأخبر جهات إيرانيّة بذلك. علاوة على هذا، كان الأسبر مقربا من الأسد بشكل خاصّ.
ينضم اغتيال الأسبر إلى موجة اغتيال علماء حدثت في السنوات الأخيرة. ففي نهاية عام 2016، أطلِقت نيران حتى الموت في تونس على خبير بالطائرات دون طيار ساعد حزب الله وحماس، وقبل بضعة أشهر، اغتيل رميا بالرصاص د. فادي البطش من غزة كان في ماليزيا وعمل على تطوير طائرات دون طيار وصواريخ.
تطرق المحلِّل العسكري، رونين برغمان، إلى ذلك في مقاله في صحيفة “يديعوت أحرونوت” كاتبا: “ينقل هذا الاغتيال المنسوب إلى إسرائيل رسالة واضحة مفادها أن العلماء أيضا وليس المصلحين فقط معرضين لعمليات اغتيال. يبدو أن العملية الأخيرة ضد الأسبر، جاءت بعد سلسلة من العلميات المنسوبة إلى إسرائيل، وتمت ضد علماء في السنوات الماضية: قتل عدد من العلماء الإيرانيين في عمليات اغتيال لفتت الأنظار في مركز طهران على يد من عُرِف كعميل في الموساد”.