لو كنتُ شابا عربيًّا مسلمًا من يافا، مواطنًا حرًا يصوت في الانتخابات ويعمل بما يريد. عربي يعرف اليهود عن قرب وليس فقط من خلال الخطب في المساجد. شاب مع جينز عصري ومستقبل واعد. شاب قادر، لو أراد، أن يؤسس شركة ناجحة، وأن يصبح طبيبا أو محاميا. لو كنتُ شابا عربيا من يافا يفهم العبرية ويفهم الفرق بين الحقائق والمصالح السياسية – كما يبدو، كنت سأثور!
سأثور، ليس ضدّ الاحتلال غير الموجود في مدينتي، ولكن ضدّ التاريخ الذي جعل أبناء شعبي الخاسرين الأبديين في كل حرب منذ بداية الصهيونية. كنتُ سأثور ضدّ ثقافة الكذب. ضدّ مسار الأفول للثقافة التي أنتمي إليها. ضد جوهر مأساة المسلمين في العصر الحديث، وهي وجود أقلية متطرفة تؤيد الإرهاب (بين 20%-30%) تتحكم بغالبية ساحقة لا تستطيع أن تثور وتوقفهم.
ليست هناك حاجة إلى أن يحب الشاب المسلم دولة إسرائيل كي يلاحظ ماذا فعله المشروع الصهيوني في وسط الشرق الأوسط. ليست هناك حاجة إلى أن يوافق على مشروع الاستيطان كي يلاحظ ماذا حدث للدفيئات في قطاع غزة عندما تم إخلاء اليهود من هناك. ليست هناك حاجة إلى الكثير من التفسيرات كي يتعجب من الأرقام: عدد شركات التكنولوجيا الفائقة والحاصلين على جائزة نوبل من جهة، وعدد الأميين، قتل النساء وقتل ربع مليون مسلم من قبل مسلمين آخرين، من جهة أخرى.
يكفي أن يؤيّد خمس المسلمين في العالم (وهم مليار ونصف المليار) داعش، القاعدة وحماس، كي نقضي على معظم العرب بمستقبل من الفقر، الجهل، الخوف والتخلف. وكما يكفي أن ينتظم خمسهم للعمل معا من أجل تعزيز العصرنة، حقوق المرأة، القيم الليبرالية من أجل تقديم بديل.
تكمن المشكلة في عدم وجود مجموعة كهذه. هناك أفراد شجعان في كل مكان. يضحي بعضهم بأرواحهم، ولكن الغالبية صامتة. هذا صحيح بالنسبة لأفغانستان، العراق وسوريا. وهذا صحيح مع الأسف الشديد بالنسبة لعرب إسرائيل.
تفضل الغالبية الصامتة الدولة اليهودية والديمقراطية على أية دولة أخرى التي كان من الممكن أن تقوم نظريّا هنا. إنهم يريدون الاندماج. ولكنهم لا يستطيعون تنظيم أنفسهم. لا يوجد للغالبية هنا جمهور يمكنها من خلاله الحديث وليس لديها قوة سياسية. فهنا تسيطر الأقلية. يرفع منظّم مظاهرات العنف كما رأينا في يافا واللد هذا الأسبوع، أعلام حماس، ويثير الاستفزاز لتدمير التعايش وسيكون الوضع هنا أكثر سوءًا.
كان ينبغي في الأسبوع الماضي سماع “تذبذب” أعضاء الكنيست من القائمة العربية بخصوص موجة العمليات الفلسطينية. فقد أوضح أيمن عودة، الذي يفترض أنه مؤشر الاعتدال، أنّه لن يقول للمقاومة الفلسطينية ماذا يجب أن تفعل. لماذا لا؟ لم يعد الأمر يتعلق بحنين زعبي واستفزازي آخر مناوب. وإنما يتعلق بالجميع، البارزين والصامتين.
يجب أن نقول الحقيقة: الشيخ رائد صلاح رئيس الشقّ الشمالي للحركة الإسلامية هو القوة التي تشكّل واقع الحياة هنا. هو الذي يقرّر طريق المتطرّفين المسلمين، وهو الذي يجرّ وراءه العلمانيين والملحدين العرب. مظاهرات في يافا واللد. الشيخ يقرر لأيمن عودة كيف يتحدث، ولا يهم ماذا يعتقد في قرارة قلبه. من يبحث عن احتمال الضرر الأكبر للجولة الحالية سيجده هناك.