منح رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي “بيني غانتس” وسام التقدير والتميز،هذا الأسبوع، لجنود وحدة الكوماندوز البحري الخاصة “شايطيت 13” تقديرا لدورها في تنفيذ عمليات سرية. وذكرت صحيفة “معاريف” العبرية أن مراسم منح الأوسمة تمت في قاعدة الوحدة بـ- “عتليت” قرب عكا.
ومن بين العمليات التي كشف النقاب عنها قيام الوحدة بمحاولة تسلل على شاطئ السودانية بقطاع غزة بداية الحرب الأخيرة قبل أن تصطدم بمقاتلين من كتائب القسام وسرايا القدس ويصاب 4 من جنودها بجراح. كما نسب للوحدة قيامها بعمليات خاصة أخرى في القطاع لم يكشف النقاب عن طبيعتها في حين أعرب قائد سلاح البحرية الإسرائيلي ” رام روتبرغ” عن عظيم تقديره للعشرات من عمليات الوحدة السرية العابرة للحدود والتي تم تنفيذها في المعارك التي تتوسط الحروب كما قال. وأضاف بأن تلك النشاطات تم تنفيذها بشكل سريع وخاطف في عدة جبهات أظهرت قدرة تخطيط وتنفيذ عالية للوحدة التي عادة ما تحاط تفاصيل عمليات بغطاء من السرية البالغة.
السرية 13
لا يوجد في إسرائيل قصص شعبية حول البحر غير القصص المتعلقة بفُلك نوح وابتلاع السمكة للنبي يونس. رغم ذلك، يفهمون في هيئة الأركان بأن هناك حاجة لتفكير مختلف عن التفكير المعتاد حتى الآن بخصوص كل ما يتعلق بالمياه الإقليمية لدولة إسرائيل. لقد تغيّر المسرح البحري في الشرق الأوسط بشكل كبير منذ الحرب اللبنانية الثانية؛ لقد تعلم سلاح البحرية الدروس، وقام بتحديث مفاهيم المناورة ورفع من مستوى كفاءته، ولكن العدو أيضًا لم يبق في مكانه دون تقدم.
حصلت سوريا على العشرات من صواريخ أرض-بحر من أنواع مختلفة من روسيا، وبنطاقات مختلفة، مع رؤوس حربية بقوى مختلفة، والتي تغطي كل مساحة دولة إسرائيل، وفي مقدمتها صاروخ “ياخونت”. تصاعدت التهديدات حين زادت الخشية بأن يبدأ حزب الله بالحصول على الصواريخ من سوريا، وبناء على افتراض سلاح البحرية: “كل ما لدى إيران انتقل إلى نصر الله”. بالمقابل، تيقظ الشرق الأوسط إزاء الاهتمام الذي يوليه جيش الدفاع الإسرائيلي لسلاح البحرية، وحاول أن ينصب أمامه المتحدين: مصر تتفاوض للحصول على غواصات، في حين أن السعوديين يوقعون صفقة أسلحة والتهديد من البحر يزداد يوميًا.
هذا الوضع الاستراتيجي أعلاه يفهمه جيدا قباطنة سلاح البحرية وخصوصًا المقدم “ج”، قائد وحدة الكوماندوز البحري “السرية 13”.
عن أنشطة وحدة الضفادع
لأولئك الذين لم تتَح لهم الفرصة للتعرف عليهم، فإن “السرية 13” في الواقع هي وحدة نخبة من سلاح البحرية الإسرائيلي، ومن وحدات النخبة في جيش الدفاع الإسرائيلي المتخصصة في مجال المعارك الصغيرة في البحر والشواطئ. لقد كان مجرد الحديث عن وجود هذه الوحدة واسمها الكامل ممنوعا من النشر لسنوات طويلة. خلال عقود من نشاطها، قامت الوحدة بالمئات من الحملات (معظمها في أراضي الدول العربية)، والقليل منها تم السماح بالنشر عنه.
تأسست السرية 13 من أجل أن تكون قوة مهاجمة في مياه دول الأعداء وشواطئها، وذلك من خلال استخدام طرق مختلفة من العمليات العسكرية: الغوص، الإغارة، التخريب، الهبوط بالمظلات، الكمائن والاقتحامات. كانت قبل قيام الدولة، قد نشطت وحدة مماثلة في إطار عمليات “البلماح” (قوات الصدمة، والقوة العسكرية المنتظمة لمنظمة “الهاجاناه”، والتي عملت قبل قيام دولة إسرائيل بين السنوات 1948-1941) وكانت تسمى “الخلية الإرهابية البحرية”. في البداية، نفذت الخلية الإرهابية عمليات بحرية وبرية ضد السفن البريطانية وخلال حرب 1948 حين أضحت الجيوش العربية هدفًا لها، أغرقت الوحدة سفينة الأسلحة العربية “لينو” والتي رست في شواطئ إيطاليا، وقامت بالسيطرة على سفينة أسلحة أخرى اسمها “أرجيرو” وأغرقت سفينة “الأمير فاروق”، وهي السفينة الرائدة في الأسطول المصري.
في تلك السنوات، تم تحديد أساليب العمليات والقتال للوحدة، بإشراف رجل كوماندوز بحري إيطالي اسمه بيورنزو كبريوتي. وبحلول عام 1949 كان هناك عدد من الخلايا الإرهابية التي تعمل معها، والتي توحدت عام 1949 في وحدة واحدة “الكوماندوز البحري”، والتي سمّيت ابتداء من شهر أيار 1952 باسم “السرية 13”. يعود أصل الرقم 13 في اسم الوحدة، بحسب الأسطورة، جاء وفقا لعادات المقاتلين لتناولهم الخمر حتى الثمالة في اليوم الثالث عشر من كل شهر. وكان يوحاي بن نون أول مؤسس وقائد للسرية.
تتميز السرية 13 في قدرتها على الوصول إلى الأهداف من خلال البحر، الغوص، والمعدات فوق مائية وتحت مائية. وتتألف الوحدة من نخبة المقاتلين (والذي يسمون “الضفادع البشرية”) في جيش الدفاع الإسرائيلي. ويدوم مسار تدريبها زمنًا طويلا، ويعتبر من أكثر المسارات صعوبة واحترافية في جيش الدفاع الإسرائيلي. وتقع القاعدة الرئيسية للسرية 13 على شاطئ عتليت جنوبي حيفا. وقام أحد مقاتلي السرية في سنوات الستين بتصميم شعارها، خفاش يرتدي مرساة سلاح البحرية، سيف الجيش ولغم بحري.
يقاتلون من أجل أن يكونوا جزءًا من العمليات السرية في دول الأعداء
شاركت السرية 13 في المئات من عمليات الكوماندوز، والتي بقيت معظمها سرية حتى يومنا هذا. وقد أجبر قادتها في سنواتها الأولى على الصراع من أجل دمجها في حملات ذات أهمية. على الرغم من ذلك، لم تعتبر حرب حزيران (1967) فترة براقة للوحدة. فشلت بعض عمليات السرية، خلال الحرب، وكان هدفها تفجير سفن العدو التي رست في موانئ مصر وسوريا. وخلال إحدى هذه العمليات، التي جرت في ميناء الإسكندرية، تم أسر ستة من مقاتلي الوحدة.
نفذت الوحدة خلال حرب الاستنزاف (1970-1969) عددا من العمليات التي عززت من مكانتها كوحدة نخبة في جيش الدفاع الإسرائيلي. من بين تلك العمليات يمكن الإشارة إلى العملية “بولموس 5″، وهي غارة على المحطة الساحلية المصرية في راس عربية، إلى الشمال من خليج السويس. في هذه العملية، والتي انتهت دون إصابات في صفوف قوات السرية، قُتل 32 جنديا ومقاتل كوماندوز مصريين. وخلال حرب تشرين (1973) وصلت السرية إلى أرقام قياسية عالية، فقد حقق المقاتلون سجلا طويلا من العمليات التي أُغرقت خلالها الدبابات، زوارق الطوربيد، سفن حاملة صواريخ وسفن حراسة مصرية.
في السنوات اللاحقة أجرت الوحدة عملية ضد التنظيمات الإرهابية كقوة عمليات ومساعدة في عمليات الاقتحام في دول الأعداء وكذلك في عمليات بحرية أخرى. ووفقا لمصادر أجنبية، فقد شارك مقاتلو الوحدة في عملية اغتيال أبي جهاد؛ أحد قادة منظمة التحرير الفلسطينية.
في الفترة التي كان فيها جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل في الشريط الأمني على الحدود اللبنانية، كانت السرية نشطة بشكل خاص في عمليات في عمق الأراضي اللبنانية. في 5 أيلول عام 1997، اقتحمت السرية 13 قرية الناصرية جنوب لبنان، وفي وقت تحركها نحو هدفها، تم نصب كمين لها. وقد قُتل أحد عشر مقاتلا من السرية في حادثة تدعى “كارثة السرية”. في أعقاب هذه الواقعة تم تعطيل أنشطة الوحدة لفترة ما. وبعد سنة من الكارثة عقد تنظيم حزب الله وإسرائيل صفقة تبادل، تم خلالها إعادة جثة أحد المقاتلين الذين قتلوا في الكارثة مقابل عشرات المعتقلين والقتلى اللبنانيين، ومعهم جثة هادي نصر الله، نجل قائد حزب الله في ذلك الوقت حسن نصر الله.
خلال انتفاضة الأقصى (2000) تم دمج الوحدة السرية في محاربة المنظمات الإرهابية، وقامت خلال العمليات البحرية بتحقيق إنجازات، إذ تم الاستيلاء على سفن السلاح الفلسطينية “كارين إي” و”سنتوريني”.
المستقبل العاصف: “لا تستهن بالعدو”
قام قائد السرية 13، المقدم “ج”، والذي تم تعيينه فقط قبل عدة أسابيع ليتولى قيادة جنود الكوماندوز البحري، بعدة مقابلات مع الإعلام الإسرائيلي، قال فيها إن معظم العمليات التي تقوم بها الوحدة تتم تحت الرادار، وشدد بأنه يجب عدم الاستهانة بأعداء إسرائيل.
“تتغير السرية بسرعات مختلفة، بين حين وآخر، وذلك تبعًا لمسرح القتال”، هكذا قال قائد السرية. وقال بأن العدو يتغيّر أيضًا. “نحن نرى أعداء متنوعين جدًا، ليس دولة واحدة فقط، ولكنه عدو غير منظم، وهو موزع بين التنظيمات الإرهابية، وهذا يتطلب مننا أن نلائم أنفسنا وفقًا لذلك. نحن نبذل جهدنا دومًا لكي لا نستهين بالعدو، ونعمل على تقييمه كما ينبغي، ونرد ردًا مناسبًا”.
تغيّر بشكل عام النهج المتبع في سلاح البحرية، وفي وحدة السرية 13 بشكل خاص. ووفقا لرؤية قائد سلاح البحرية، اللواء رام روتبرج، فإنه لا يوجد فرق بين أن يكون صاروخ “ياخونت” بيد رئيس سوريا بشار الأسد أو بيد حزب الله. ومن ناحية قباطنة الجبهة الشمالية الإسرائيلية، فإن حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا هما جبهة واحدة، وفي اللحظة التي نترك فيها المياه الإسرائيلية نتعرض للتهديد.
وتم تسجيل التوتر الأكبر في مياه حيفا، حين وقفت بوارج الأسطول الأمريكي قبالة ساحل اللاذقية وطرطوس، ووجهت وفقًا لأوامر رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، صواريخ التوماهوك صوب قواعد السلاح الكيميائي، من أجل تخويف نظام الأسد خلال أزمة الأسلحة الكيميائية الأخيرة. وقد أجرى سلاح البحرية سيناريوهات الاستعداد الأقصى التي سيحاول خلالها الأسد مهاجمة السفن الإسرائيلية بواسطة صواريخ متقدمة. ومنذ ذلك الحين، فإن سلاح البحرية متأهب دومًا.
وإن كان ذلك ليس كافيًا، بسبب دخول تكنولوجيات جديدة إلى الشرق الأوسط، والتي تلزم سلاح المخابرات في البحرية بتجميع المعلومات الحيوية للقوات، من أجل أن تعرف كيف تواجه التهديدات المختلفة في اللحظة الحقيقية. إن الاستخبارات عبارة عن قصة دراماتيكية، هي بداية كل قصة وعملية. وبهدف جمع المعلومات يستخدم سلاح البحرية كذلك رابطة الاستخبارات. كان هناك بعض الخلل في هذا المجال، فقد تم تسجيل إصابة صاروخ الـ C-802 لسفينة “حانيت” التابعة للبحرية الإسرائيلية في الحرب اللبنانية الثانية. إن التعاون مع مؤسسة الاستخبارات يمكّن السرية من توسيع حدود عملياتها أكثر مما يمكن تخيّله.
يفهم سلاح البحرية وعلى وجه الخصوص السرية 13 أن عليهم توفير الحلول للتحديات اليومية بخصوص تأمين الواردات الإسرائيلية عبر البحر. في الواقع فإن 99% من الواردات الإسرائيلية تأتي عن طريق البحر. وتهديد ذلك واضح جدا. وقد قدم قائد سلاح البحرية اللواء رام روتبرج أمام القبطان الأمني عمل هيئة الأركان على خطة دفاعية للممرات الملاحية للسفن التجارية ومنصات الغاز. وقد طلب جيش الدفاع الإسرائيلي أن يتم نقل مسؤولية وسلطة حماية المجال البحري المعروف بـ “المياه الاقتصادية” للجيش. وقد بلغ التقدير المبدئي لقيمة عائدات منصات الغاز 300 مليار دولار. ويطلب سلاح البحرية أقل من 1% من أجل شراء المعدات اللازمة كي يقوم بالتحضير للتهديدات في المنطقة، من بينها الإعداد المناسب للكوماندوز البحري.
- سياسة إسرائيلية
- الجيش الإسرائيلي
- إسرائيل
- سرية 13 (شايطيت 13)
- سوريا
- مصر
- أسلحة
- حسن نصر الله
- إيران
- سلاح البحرية الإسرائيلي
- البحر
- الإعلام الإسرائيلي
- حيفا
- الشرق الأوسط
- حرب لبنان الثانية
- حزب الله
- الدول العربية
- لبنان
- انتفاضة الأقصى
- بشار الأسد
- أسلحة كيماوية
- أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية
- حقول الغاز الطبيعي في إسرائيل
- صواريخ الياخونت
- وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي