يبذل النظام السوري جهودا كثيرة للكشف عن وجهة نظره حول الواقع أمام أكبر عدد من جمهور الهدف رغم أن وضعه مثير للجدل، هذا ما يمكن معرفته من قائمة اللغات التي ينشر فيها موقع الوكالة العربية السورية للأنباء الجديد، سانا. يقدم الموقع أخبارا باللغة الفرنسيّة، التركية، الإسبانية، الفارسية، الروسية، ولمزيد الدهشة بالعبرية أيضا.
السؤالان اللذان يطرحان فورا عند معرفة هذه الحقيقة الغريبة هما: 1) مَن هم قراء سانا باللغة العبرية؟ 2) مَن هم مقدمو خدمات الترجمة بلغة العدو، العبرية، للنظام السوري؟
ليست هناك إجابات عن هذين السؤالين في موقع سانا. رغم أن الموقع مفصّل جدا، وينشر مواضيع إخبارية مختلفة، بدءا من السياسة وانتهاء بحالة الطقس، ولكن لا يمكن العثور فيه على توجه واضخ إلى جمهور الهدف الإسرائيلي.
في الواقع، يعرض موقع سانا المقالات ذاتها بالعبرية والعربية، وليس واضح لماذا يبذل النظام جهوده لترجمة محتويات الموقع إلى العبرية، في حين أن عدد قليل من الإسرائيليين يعرف بوجود الموقع. حتى إذا كان موقع سانا موقعا شعبيا في أوساط قراء اللغة العبرية، فهو ليس كذلك حاليا، وإضافة إلى ذلك لا يهتم قراء العبرية بحالة الطقس في سوريا، وكذلك بأخبار الرياضة المحلية، وغيرها.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل معروفة بصفتها دولة عدوة للنظام السوري، وتعرّف إسرائيل سوريا أيضا بصفتها دولة عدوة. قد يدخل أي مواطن من كلا الدولتين إلى السجن بعد إنشائه علاقة مع سلطات الحكم في الدولة العدوة. لهذا من الصعب معرفة مَن هو أو مَن هم المترجمون الذين يترجمون إلى العبريّة من أجل موقع سانا، ولا يُصدّق أن هناك سوريين في دمشق يتقنون العبرية بمستوى يؤهلهم للكتابة الصحفية. في الواقع هناك فرصة لدى الدروز الذين يعيشون في هضبة الجولان في إسرائيل منذ عام 1967 أن يتعلموا العبريّة ويتقنوها، ولكن لا يُعقل أن هناك مَن هو مستعد للمخاطرة والتعاون مع النظام السوري والعمل في مجال الترجمة من إسرائيل، لأن هذه الخطوة تشكل خرقا للقانون الإسرائيلي.
لمعرفتكم، إن مستوى الترجمة إلى العبرية في موقع سانا جيد إلى حد معين. صحيح أن صياغة الجمل غير دقيقة ومليئة بالأخطاء التي يتضح منها بشكل جلي أن اللغة العبرية هي ليست لغة الأم للمترجمين الذين يترجمون مقالات سانا، ولكن في وسع قارئ اللغة العبرية المتوسط أن يفهم النص رغم الأخطاء الواردة فيه.
هناك مفاجئة أخرى وهي أن موقع سانا لا يتضمن رسائل توضيحية أو تحذيرية للجمهور الإسرائيلي. يمكن أن نتوقع إذا كان النظام السوري يبذل جهودا كثيرة لتوفير المعلومات في وكالة الأنباء الخاصة به للإسرائيليين، فكان سيستغل الفرصة لنقل بعض الرسائل ومنها رسائل الترهيب، أو ربما رسائل التسوية.
ما هو الهدف في الواقع لدى القائمين على الموقع الذين قرروا إتاحته أمام قراء العبرية؟ هل فكروا حقا أن الإسرائيليين يهتمون بالانتخابات المحلية أو المباريات الرياضية وتعليمات وزارة الصحة السورية؟ ربما كان يأملون أن الإسرائيليين يرغبون في تلقي المزيد من المعلومات من داخل سوريا. تكمن المشكلة أن التقارير التي تبثها وكالة سانا لا تعكس الواقع السوري المعقد، ويعرف الإسرائيليون هذه الحقيقة جيدا. وهم يعرفون أيضا أنه إذا أرادوا الاطلاع على الآراء المختلفة للمواطنين السوريين، فقناة سانا ليس المكان الصحيح للحصول على الإجابات.