يعمل الجيش الإسرائيلي جاهدا لإنهاء عملية “درع الشمال” دون أن يمنح حزب الله “ذريعة” لشن معركة قتالية. رغم أن حفر الأنفاق من قبل حزب الله يشكل خرقا سافرا للسيادة الإسرائيلية، يحرص الجنود الإسرائيليون على عدم تجاوز الخط الأزرق أبدا. عند وجود شك، يطلبون من قوات “يونفيل” التدخل، وهي تدعو الجيش اللبناني. الضباط يعملون وفق تعليمات صارمة مفادها: “صفر أخطاء”.
ربما موقف الحريري هو عدم التدخل، لكن حزب الله “يعانق” الجيش اللبناني وهذا يعانقه بدوره أيضا. أصبح جندي لبناني بطلا في لبنان بعد أن دار جدال بينه وبين جنود الجيش الإسرائيلي، وحدث ذلك في وسائل إعلامية أخرى إضافة إلى الوسائل الإعلامية التابعة لحزب الله. يحظى التعامل العدائي ضد إسرائيل بتأييد وتصفيق من كل حدب وصوب، والتصفيق معدٍ كما هو معروف. بالمناسبة، من المعروف أن الجنود اللبنانيين يحترمون عناصر حزب الله الذين يتجولون إلى جانبهم غالبا وهم يرتدون زيا مدنيا، ويحملون بنادق. إذا كان يُنظر إلى مليشيات حزب الله ذات مرة كقوة منافسة للجيش اللبناني، فاليوم أصبحت النظرة العامة إليها أنها قوة مكمّلة.
تسعى إسرائيل إلى إثارة الرأي العام اللبناني حول الأنفاق. لقد توجه نتنياهو إلى اللبنانيين موضحا لهم أن حزب الله يعرضهم للخطر. محاولاته باءت بالفشل لسببين: حزب الله يخدم النقاش اللبناني العام، ويجعله مقتصرا على تغريدات عناصر الشيعة من الجنوب في تويتر، الذين يتبادلون الأقوال اللاذعة مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. حتى الآن، فئة قليلة من المسيحيين اللبنانيين تعرب عن معارضتها للأنفاق. ربما سيتغير الوضع إذا اشتعلت المنطقة، ولكن يبدو أن معارضي حزب الله أيضا، راضون عن المنطق الثوري الذي يقف وراء المشروع الكبير التابع لحزب الله: نقل المعركة من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل. إضافة إلى ذلك، يتجسد الردع الذي يمارسه حزب الله أمام إسرائيل، بالطريقة الحذرة التي تنتهجها إسرائيل على الحدود منذ انطلاق الحملة. يفهم اللبنانيون هذه النقطة، وهي تعمل لصالح زعيم حزب الله، حسن نصرالله.
مَن توقع أن يلقي نصرالله عددا من الخطابات كما حدث في حرب لبنان الثانية ربما أصابه الإحباط، ولكن سكوت نصرالله منطقي تماما. يدرك نصرالله جيدا أن ظهوره الإعلامي يجب أن تخدم الاستراتيجية العامة. هدفه طبعا هو إسكات الانتقادات في لبنان، ومن شأن خطابه أن يحقق نتيجة عكسية. بالإضافة إلى ذلك، من الأفضل له ألا يطلق تهديدات وهو يمر في أوقات حرجة بين الإيرانيين والحريري.
منذ كشف الأنفاق، يستخدم حزب الله هاشتاغ “سنعبر”. بكلمات أخرى، ما زال الهدف العام بالنسبة لحزب الله نقل جزء من المعركة إلى الجانب الإسرائيلي، وذلك ربما بسبب وجود علاقة مع قضية الأنفاق أو دونها، الدافعية قد ازدادت بسبب الضجة التي أثارتها الأنفاق. ولكن حقيقة أن اللبنانيين يفضلون عدم التفكير في الموضوع، لا تعفيهم من مسؤولية ما سيحدث. قد تُشعل أنفاق حزب الله حربا، وسيكون اللبنانيون أول من سيدفع ثمنها.