فاجأ وزير الداخلية الإسرائيلي، جدعون ساعر، البارحة السياسة الإسرائيلية عندما أعلن، إعلانًا دراماتيكيًّا، نيته اعتزال الحياة السياسية الإسرائيلية. وكان ساعر، حتى يوم البارحة، يُعتبر أهم شخصية سياسية في الليكود، وهو الحزب الحاكم، بعد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
فاجأ خبر اعتزال ساعر الكثيرين، بعد أن انتشرت مؤخرًا إشاعات كثيرة مفادها أن ساعر، الذي يملك السطوة في مؤسسات الحزب، يخطط للقيام بثورة داخلية في الليكود ضد نتنياهو ويود أن يكون ممثل الحزب للانتخابات الإسرائيلية القادمة.
هنالك تحليل يقول إن ساعر قد أدرك أنه واجه “سقفًا زجاجيًا” داخل الليكود. ساعر، كما ذُكر سابقًا، حاز على قوة كبيرة داخل الحزب، ولكنه لم يتقدم في السنوات الأخيرة. في الأيام الأخيرة التي أقيمت فيها الانتخابات التمهيدية في الليكود، قبل انتخابات عامي 2009 و 2012، تم انتخاب ساعر في المرتبة الأولى من قبل المصوّتين، واحتل المكانة الثانية بعد نتنياهو في قائمة الحزب.
ربما لم ينجح ساعر باستغلال قوته الكبيرة ما عدا منصب وزير هام، إضافة إلى مناصب أُخرى، لأنه يصعب على السياسيين في الليكود أن يكبروا بجانب نتنياهو. الأمر ينطبق أيضًا على السياسي المعروف موشيه كحلون، الذي اعتزل الحياة السياسية قبل الانتخابات الأخيرة، ويُتوقع أن يعود إليها ويقيم حزبًا جديدًا.
ثمة إشاعة أُخرى تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي منذ اعتزاله، تقول إن إحدى الصحف الإسرائيلية الكبيرة كشفت عن قضية فساد كبيرة متورط فيها ساعر ويعمل المختصون في الصحيفة على تحضير تحقيق صحفي كبير. حسب هذا الادعاء قرر ساعر استباق نشر ذلك التحقيق الصحفي والانسحاب.
إن اعتزال ساعر يُفسّره نتنياهو بطريقتين. يتنفس نتنياهو الصعداء، من جهة، لأن أكبر خطر داخلي عليه قد انتهى، وسيطرته الآن على الليكود وعلى رئاسة الحكومة تبدو أكثر استقرارًا. من جهة أُخرى، اعتزال ساعر يُظهر، وبشكل واضح، حقيقة أنه من الصعب على أحد أن يبرز ويعزز قوته إلى جانب نتنياهو وهذا الأمر قد يعرّضه لأضرار سياسية.
يطرح اعتزال ساعر سؤال الاتجاه الجديد. هل ينوي ساعر بالفعل ترك السياسة؟ في حالات كثيرة عندما يرغب سياسيون إسرائيليون اعتزال السياسة يعودون إليها بعد فترة وجيزة. هذا ما حدث مع كحلون، سياسيّين آخرين وحتى نتنياهو ذاته اعتزل السياسة الإسرائيلية مع انتهاء ولايته الأولى كرئيس للحكومة، بين عامي 1999- 2002.
هنالك أيضًا الاحتمال الأبسط. ربما كان ساعر قد تعب من السياسة ومن سوء معاملة نتنياهو له. وربما أراد قضاء وقت أطول إلى جانب زوجته، غيئولا إيفن، بينما حُب الاثنين لبعضهما ينمو ويزدهر. أعلن ساعر البارحة أيضًا على صفحة الفيس بوك عن حبه الكبير لزوجته. ربما نتحدث عن حالة نادرة جدًا يقرر فيها سياسي كبير أن يتبع قلبه وليس عقله.