اختتمت وزارة الخارجية الإسرائيلية بنجاح العملية التي أدّت إلى استقالة رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الحرب بغزة. اعتُبر تعيين رئيسة اللجنة الجديدة، القاضية الأمريكية ماري ماكغاون ديفيس، إنجازا دبلوماسيّا لإسرائيل. وعلى النقيض من شاباس، الذي قال في الماضي إنّه “سيفرح عندما يرى بنيامين نتنياهو في قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية”، فإن ماكغاون ديفيس تُعتبر شخصية أكثر توازنا، دون ميل ضدّ أحد الطرفين.
الذي أدى في نهاية المطاف إلى عزل شاباس هو منحه المساعدة القانونية مقابل الدفع للسلطة الفلسطينية من أجل تعزيز مكانتها الدولية لتصبح دولة غير عضو في الأمم المتحدة.
قالت إسرائيل إنّ العلاقة التعاقدية بين شاباس وبين جسم رسمي فلسطيني تجعله شخصا لا يصلح ليعمل محقّقا عادلا في الحرب.
وتعرف ماكغاون ديفيس جيّدا العلاقات المعقّدة التي بين إسرائيل وقطاع غزة. لقد ترأست في السنوات الماضية لجنة مجلس حقوق الإنسان، والتي اهتمت بتطبيق توصيات تقرير لجنة غولدستون بشأن عملية “الرصاص المصبوب” في قطاع غزة، عام 2009.
تعاونت إسرائيل وقتذاك مع خطوات ماكغاون ديفيس، وأرسلت لها مواد عديدة حول طبيعة التحقيق والتحرّيات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في إطار التحقيق. وذلك على النقيض من لجنة غولدستون نفسها، والتي قاطعتها إسرائيل كما تُقاطع لجنة شاباس.
ولقد وجّهت في التقرير الذي كتبته انتقادات لإسرائيل على خلفية إجراءات التحقيقات المستمرّة، ولكنها أشادت بإسرائيل، وقالت إنّ “إسرائيل قد خصّصت موارد كبيرة من أجل التحقيق في أكثر من 400 ادّعاء لسلوك غير لائق في غزة”. وأضافت بأنّ تحقيقات الجيش الإسرائيلي جرت بشكل صحيح. حتى القاضي ريتشارد غولدستون نفسه، الذي وقّع باعتباره من كتب التقرير الخطير، أشاد بإسرائيل للتحقيقات العميقة في اشتباهات ارتكاب جرائم حرب.
وعلى النقيض، فقد قرّرت ماكغاون ديفيس بأنّ السلطات الفعلية في غزة، أي حماس، لم تلبّي ما كان متوقّعا منها في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان على أراضيها، والتي تتمثّل بإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على الأراضي الإسرائيلية.
ومع ذلك، فلا تتوقع إسرائيل أن يؤيد تغيير رئاسة اللجنة إلى نتائج أفضل بالنسبة للجانب الإسرائيلي. ويستمرّ أساس المشكلة بالنسبة لإسرائيل وهو حقيقة أنّ الممثّلين الإسرائيليين لم يدلوا بشهادتهم، على النقيض من الجانب الفلسطيني الذي عمل بشكل مكثّف مع اللجنة.
إنّ المشكلة الرئيسية الآن بالنسبة للإسرائيليين هي فقدان قدرتهم على استبعاد أهمية التقرير بقولهم إنّ اللجنة غير محايدة. طالما أن شاباس هو من يترأسها، يستطيع الإسرائيليون أن يقولوا إنّ هذا الأمر يتعارض مع الموضوعية. على الرغم من أنّه بات صعبا على الإسرائيليين الآن تقديم مثل هذه الحجّة بشكل مقنع.