في الانتفاضة الحالية، كما في كل حدث مهم يحدث في العالم العربي في السنوات الأخيرة، من الواضح أنّ وسيلة الإعلام الرئيسية والأهم هي الفيس بوك. تحول موقع التواصل الاجتماعي هذا في السنوات الأخيرة إلى ساحة لاستهلاك المعلومات والتي تتفوق على قنوات التلفزيون، الإذاعة أو الإعلام التقليدي.
ولكن إلى جانب قضية استهلاك المعلومات، يمكّن الفيس بوك كل شخص أيضًا من مشاركة المعلومات. الشخص الذي يريد نشر آرائه أو مشاركة مضامين مع أصدقائه، يمكنه القيام بذلك بشكل علني، وأن يأمل بأن تصل إلى أكبر عدد من الأشخاص.
بهذه الطريقة، تتاح لنا أيضًا فرصة التعرّف على كل شخص بواسطة صفحته على الفيس بوك – ما هي المضامين التي يتلقاها وماذا يختار للمشاركة؟
وتُظهر نظرة معمّقة على صفحات الفيس بوك التابعة لشبان فلسطينيين نفذوا عمليات صورة مثيرة للاهتمام بشكل خاص. اختبر “مركز المعلومات للاستخبارات والإرهاب” أربعة حسابات فيس بوك لمنفذي عمليات ونشر استنتاجاته في تقرير خاص. وصف التقرير، من بين أمور أخرى، أنّه في صفحات الفيس بوك لمنفّذي العمليات يمكننا أن نرى عملية مستمرة من “بلورة” فكرة العملية: تم رفع المنشورات من قبل الشبان على مدى أسابيع وأحيانا أيضًا على مدى أشهر قبل تنفيذ العملية.
ظهر لدى بعض الطاعنين ارتفاع ملحوظ في حجم النشاط على صفحة الفيس بوك قبل أيام من تنفيذ العملية، والذي تضمّن رفع منشورات ذات محتويات تدلّ على رغبتهم في التضحية بأنفسهم. ونرى أنّه لدى بعض الإرهابيين الأكثر بلوغا قد غاب بُعد العفوية والتقليد، والذي كان يميّز الشبان تحت سنّ العشرين.
إحدى المميزات الأخرى لصفحات الفيس بوك هذه هو استخدام المصطلحات الإسلامية. وكما لدى إرهابيين سابقين ففي هذه المرة أيضا يمكننا أن نرى لدى بعضهم اقتباسات من القرآن، وبشكل خاص من آيات تتحدث عن الوصول إلى الجنة وعن أجر الشهيد. بل إنّ أحد منفّذي العمليات قام بأداء الحج إلى مكة وقد عاد قبل أيام من تنفيذ العملية. كما ورفع منفذ العملية ذاته أيضًا على صفحته على الفيس بوك خطبة مسجّلة لشيخ سلفي من السعودية. ورفع آخرون تعابير وجملا شاعت في الآونة الأخيرة في النت والتي تعبّر عن الرغبة في التضحية بحياتهم والوصول إلى الجنة.
وأشارت الدراسة أيضا إلى تأثير التحريض في الإعلام الفلسطيني (التلفزيون، الإذاعة، الفيس بوك): اعتاد الشاب الذي نفّذ عملية إطلاق النار عند مدخل مستوطنة كريات أربع، على مشاهدة برامج قناة الأقصى التابعة لحماس وقناة الجزيرة، وهي مليئة بالمضامين المعادية لإسرائيل. وقد اعتاد أيضًا على الدخول إلى صفحات الفيس بوك التابعة لإذاعة الحرية في الخليل، والتي تم إغلاقها قبل عدة أشهر من قبل الجيش الإسرائيلي بسبب التحريض على الإرهاب. ورفع شاب آخر، والذي نفذ عملية إطلاق النار قرب باب الساهرة في القدس، إلى الفيس بوك، قبل ساعات معدودة من تنفيذه العملية، وثيقة عنوانها: “الوصايا العشر لكل شهيد”.
وكان بالإمكان أن نرى لدى شاب آخر في صفحته على الفيس بوك منشورات ومضامين تمجّد شبانا آخرين نفّذوا عمليات.