في الأيام العادية، من الصعب العثور على مجال تتفق عليه كل الجهات السياسية الفلسطينية. وفي الواقع، أصبح الشرخ السياسي في المجتمع الفلسطيني يشكل حجرة عثرة من الصعب التغلب عليها، مرة تلو الأخرى. لهذا من المثير للاهتمام معرفة كيف وكم من الوقت سيظهر إجماع فلسطيني واسع، بدءا من فتح، حماس، الجهاد الإسلامي وحتى جهات ليبرالية عربية إسرائيلية بشأن دعم بشّار الأسد.
شجبت كل الجهات والأحزاب الفلسطينية الهجوم الثلاثي الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، وفرنسا على المنشآت الكيميائية السورية، بعد أن شن النظام السوري هجمات كيميائية ضد السوريين. وكان هذا الشجب بارزا أكثر فأكثر في ظل الدعم القطري والسعودي التام لشن الهجوم، والتحفظ الهادئ الذي أبدته مصر، والأردن اللتان لم تريدا التصدي لترامب علنا.
كيف يمكن تعليل هذا الدعم الفلسطيني، الذي يطالب العالم بدعمه ضد إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى يدعم الدكتاتور السوري الذي يقتل السوريين مستخدما المواد الكيميائية؟ هناك عدة أسباب: نبدأ بالأسهل – يحظى الجهاد الإسلامي بدعم مالي كامل من إيران وقد دعمها وما زال يدعمها دعما تاما. ولكن من جهة حماس، الوضع أكثر تعقيدا. ففي الماضي، دفعت ثمنا باهظا بسبب دعمها للثوار السوريين. منذ ذلك الحين، تعلمت العبرة وعند الاختيار بين قطر، السعودية، وحتى تركيا وبين إيران، فهي تدعم إيران الداعمة للجناح العسكري لحماس أيضًا.
أبو مازن هو الجهة الأهم. تستنكر فتح أعمال الإدارة الأمريكية التي يكن لها أبو مازن كراهية بارزة. وفي الواقع، سيكرس جزء كبير من الجهود في القمة العربية التي ستلتئم اليوم في طهران لإقناع أبو مازن بأن يتخلى عن معارضته لمبادرة السلام التي يقترحها ترامب، وأن يتيح الحوار مع الإدارة الأمريكية، الذي تولي له السعودية أهمية كبيرة.
ثمة نقطة هامة وهي موقف القائمة العربية المشتركة التي تمثل في الكنيست الإسرائيلي معظم المواطنين العرب، والتي تتعرض لانتقادات لاذعة بسبب شجب الهجوم الثلاثي على سوريا. هناك شك إذا كان موقف رئيس الحزب، عضو الكنيست أيمن عودة مقبولا لدى معظم ناخبيه، ولكن هناك أيضا موقف معاد لأمريكا وربما حنين إلى أيام حكم البعث الذي عرض بديلا عربيا وعلمانيا كان يمكن أن يتماهى معه الكثير من العرب في إسرائيل.