انشغلت العناوين في إسرائيل، في الأيام الماضية، بشكل أساسيّ بأمر واحد: احتجاجات الإثيوبيين. يعيش في إسرائيل اليوم نحو 135,500 مواطن من أصول إثيوبية، وهم يشكّلون نحو 1.7% من سكان إسرائيل. وتشير البيانات التي تنشرها دائرة الإحصاء المركزية، بالإضافة إلى تقارير مراقب الدولة التي تُنشر على مرّ السنين، إلى أنّ ثمّة فجوات اجتماعية كبيرة بشكل خاصّ بين المجتمع الإثيوبي في إسرائيل وسائر السكان، ومن خلالها يمكن أن نفسّر بشكل كبير الغضب المكبوت الذي انفجر أمس في مظاهرة لأبناء الجالية.
وفقا لمعطيات نشرها مراقب الدولة عام 2014، فإنّ 51.7% من الأسر الإثيوبية تعتبر فقيرة، ويشكل هذا ضعف معدّل السكان العام، والذي يبلغ وفقا لتقديرات مختلفة بين 21.8% حتى 29.8%. يصل الدخل المالي الإجمالي للأسرة الواحدة في أوساط السكان من أصول إثيوبية إلى 11,453 شاقلا جديدًا، مقابل 17,711 شاقلا جديدًا في عموم الأسر، ويشكّل 35% أقلّ من المعدّل لدى مجموع السكان. يبلغ متوسط الإنفاق لدى الأسرة الواحدة مبلغ 9,385 شاقلا، مقابل 14,501 لدى عموم الأسر، وهو أيضا أقل بـ 35%.
منذ العام 2010، نُشر تقرير خطير من قبل مراقب الدولة، حذّر بأنّ هناك فشل في التعامل مع المهاجرين من إثيوبيا على جميع المستويات. وفقًا للتقرير، في الجيش الإسرائيلي أيضًا لا تتم معاملة أولئك المهاجرين بالشكل المناسب. ويبلغ معدّل المهاجرين من إثيوبيا بين عموم الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي 3%، وتصل نسبة الجنود الذين سُجنوا في السجون العسكرية من بين أبناء الجالية إلى نحو 11%.
أحد الأسباب الرئيسية للاحتجاجات الحالية هو تعامل الشرطة مع السكان الإثيوبيين، والذين بحسب كلامهم، يصبحون “مشتبه بهم فوريين” بالجريمة والعنف، دون أي أساس من الأدلة. ورغم أنه لا يمكن الحصول على بيانات من الشرطة حول الاعتقالات من أبناء هذه الجالية، ولكن يمكن الافتراض بأنّ عددهم أكبر من المعتقلين من السكان بشكل عام.
وفقا لدراسة نُشرت في “هآرتس” فلدى نحو 31% من أبناء الجالية ليست هناك ثقة بالشرطة، بالمقارنة مع 25% من مجموع السكان. يقول 41% من المهاجرين من إثيوبيا إنه في أحيان كثيرة جدّا تعتقل الشرطة في محيطهم أشخاصا دون سبب مبرّر (مقابل 17% من مجموع السكان) ويعتقد 27% أنّهم لو قدموا شكوى في الشرطة فسيحصلون على معاملة أسوأ من تلك التي تُعطى للمجموعات الأخرى (مقابل 5%). وفقا للبيانات التي نُشرت في مناقشة للجنة الاستيعاب عام 2011، “احتمال أن يصل مراهق مهاجر، أو ابن لعائلة مهاجرين، إلى السجون هو تقريبا ضعف الاحتمال لدى أبناء جيله من الإسرائيليين”.
وتظهر أيضًا البيانات حول حالة التعليم في أوساط الجالية صورة قاسية. 50% ممّن ولدوا في إثيوبيا حاصلين على شهادة بجروت (مقابل 63% لدى مجموع السكان)، في الامتحانات التي تفحص المستوى العام في النظام التعليمي فقط والتي تجري في سن الرابعة عشرة، فإنّ علامة المعدّل لدى التلاميذ الإثيوبيين هي 38.4، مقابل 64.45 لدى مجموع السكان.
درس نحو 312,528 طالب جامعي عام 2014 في مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل، من بينهم 2,785 طالبًا من أصول إثيوبية، أي: 0.9% فقط من مجموع الطلاب في إسرائيل هم من أصول إثيوبية (حيث إنّ نسبتهم من مجموع السكان هي 1.7% – أي الضعف تقريبا). بالإضافة إلى ذلك، فإنّ معظم الطلاب الإثيوبيين قد درسوا للحصول على اللقب الأول (88%)، 11.2% درسوا اللقب الثاني و 0.5% فقط درسوا اللقب الثالث – الدكتوراة (مقابل 4% من جميع الطلاب الجامعيين من السكان الذين يدرسون لهذا اللقب).
ومع ذلك، فالبيانات “الجافة” عن الفقر، التعليم والسجلات الجنائية هي جزء من المشكلة فقط. فإنّ قسما كبيرا منها لا يمكن قياسه، وهو واضح في العنصرية التي يعيشها أبناء الجالية بشكل يومي، في طابور الباص، في التعامل بالشارع، في القبول لأماكن العمل وفي الافتراضات النمطية الموجّهة إليهم من قبل جميع مواطني الدولة. يبدو، إذن، أنّه على الرغم من أنّهم “مواطنون متساوو الحقوق” في دولة إسرائيل، فإنّ الطريق نحو المساواة الحقيقية لا تزال بعيدة جدّا.