في حرب الأعصاب التي تدور بين إسرائيل وبين حزب الله، وجهت إسرائيل، يوم الخميس، ضربة استباقية. وذلك بعد أن كشفت عن تغيير ملموس على طول الحدود مع لبنان. يخرق حزب الله حاليا قرار مجلس الأمن 1701، الذي حدد قواعد اللعبة بين الطرفين مع انتهاء حرب لبنان الثانية عام 2006. تتهم إسرائيل قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) بغض النظر المتعمد عن عمليات حزب الله.
إن قرار مجلس الأمن يحظر التواجد العسكري لحزب الله جنوب نهر الليطاني. ولكن التنظيم الشيعي، حزب الله، تجاهل القرار كليا منذ اليوم الأول ونشر قواته في قرى جنوبي لبنان، ولكن يرتدي الجنود زيا مدنيا ويحملون أسلحة مخفية. فقد بنى في هذه القرى منظومة متشعبة من المقرات القيادية، غرف العمليات، ومخازن وسائل قتالية. عندما حاولت قوات الطوارئ الدولية متابعة الأحداث، انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من الكتيبة الإسبانية عام 2007، ما أدى إلى مقتل 6 من أفرادها. فكانت النتيجة واضحة. شهدت حافزية عناصر قوات الطوارئ الدولية تراجعا حول استطلاع ما يحصل.
في السنة الماضية عمد حزب الله إلى إجراءات أخرى. تحت غطاء منظمة “أخضر بلا حدود” من أجل البيئة، أقام 15 موقعا جديدا لرصد الحدود عن قرب. احتجت إسرائيل على ذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة، تضمنت صورا تظهر فيها عناصر مسلحة تابعة لحزب الله قرب الحدود. تجدر الإشارة إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي، قد ادعى في مؤتمر هرتسليا أن “حزب الله بات على مرمى حجر من الحدود”. ودعا قوات الطورائ الدولية إلى “عدم دفن رأسها في الرمال”. وادعى ضابط آخر في قيادة الشمال العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن “قوات الطوارئ الدولية بدلت وظيفتها فبدلا من أن تفرض القرار 1701 أصبحت ورقة تين”. وأضاف قائلا لصحيفة “هآرتس” إن تقدم قوات حزب الله باتجاه الحدود يجري بتنسيق وثيق مع الجيش اللبناني، لا سيما مع الجهاز الاستخباراتي التابع له.
وأضاف الضابط قائلا إن حزب الله يحاول العودة إلى الوضع الذي كان سائدا على طول الحدود عشية الحرب الأخيرة. حيث استُخدمت مواقعه لإجراء متابعة وثيقة لنشاط قوات الجيش الإسرائيلي، مما ساعد في التخطيط لعمليات خطف جنديي الاحتياط قرب مستوطنة “زرعيت”، ما تسبب في اندلاع الحرب. إن إعادة نشر مواقع حزب الله في المنطقة قد تساعد حزب الله على جمع معلومات استخباراتية دفاعية، إضافة إلى جمع معلومات استخباراتية لغرض شن عمليات هجومية. يبدو أن حزب الله يشكل تحديا لإسرائيل ويؤكد على أنه لا يولي اهتماما للأمم المتحدة.
كشف هليفي بشكلٍ رسميّ عن تطور آخر تحدثت عنه في الماضي وسائل الإعلام العربية: إيران تعمل على إقامة بنى تحتية لإنتاج أسلحة دقيقة في لبنان لحزب الله. وقد اتخذت خطوة شبيهة مع الثوار الحوثيين في اليمن. يمكن الافتراض أن هدف إيران هو توفير منظومة تهريب متشعبة لنقل وسائل قتاليّة من طهران إلى لبنان عبر سوريا. وفق وسائل إعلام أجنبية، تكثر إسرائيل من مهاجمة إرساليات الأسلحة وهي في طريقها في الأراضي السورية. قال رئيس الأركان، غادي أيزنكوت هذا الأسبوع، إن الجيش الإسرائيلي سيُتابع عمله للقضاء على نقل الأسلحة الدقيقة إلى حزب الله.
لا تشكل المعلومات والتحذيرات الإسرائيلية كما يبدو تغييرا في التقديرات الاستخباراتية بشأن احتمال اندلاع حرب مع حزب الله. يبدو أن احتمالات شن معركة بمبادرة حزب الله في الفترة القريبة منخفضة، لأن التنظيم ما زال يشغّل نحو ثلث قواته في الحرب الأهلية السورية، ولأن الحفاظ على نظام بشار الأسد يتصدر سلم أفضليات الراعي الإيراني لحزب الله.
ومع ذلك، أوضح الضابط أيضا أن إسرائيل تدرك أن سلسلة قصيرة من حوادث وأخطاء متبادلة بينها وبين حزب الله قد تشعل نار الحرب، مثلما حدث في كانون الأول عام 2015، حيث قُتل جنديان من كتبية “غفعاتي” في كمين بواسطة صواريخ مضادة للدبابات، قرب هار دوف، وذلك بعد أن اتهم حزب الله إسرائيل باستهداف قافلة حربية تابعة له في هضبة الجولان السورية. إن احتمال التصعيد بسبب حسابات خاطئة ما زال قائما – وبسبب قلق إسرائيل من نشر قوات حزب الله على طول الحدود اللبنانية أيضا.
نُشر هذا المقال للمرة الأولى في موقع هآرتس.