هناك أهمية ومكانة لا بأس بها للرسومات الكاريكاتيرية في العالم العربي كوسيلة للتعبير عن النقد، ويكون تلميحيا أحيانا أو مباشرا، ضدّ الأنظمة، مجموعات المصالح وفي حالات عديدة ضدّ الأعداء.
وخلال آخر قرنين انتشرت الرسومات الكاريكاتيرية في العالم العربي كالنار في الهشيم. وكما في أنحاء العالم، ففي العالم العربي أيضًا أصبحت أكثر تنوّعا، تلوّنا وتهكّما، ولا تزال تتحسّن مع مرور الزمن.
إحدى رسامات الكاريكاتير الأكثرة شهرة هي رسامة الكاريكاتير الغزية، أمية جحا، التي ولدت في غزة عام 1972. أنهت أمية بامتياز دراسة الرياضيات في جامعة الأزهر في القاهرة عام 1995. وتزوجت من رامي سعد، وهو قائد ميداني في كتائب عز الدين القسّام، والذي قُتل من قبل قوات الجيش الإسرائيلي عام 2003.
أمية عضو في جمعية على اسم ناجي العلي للفنّ التشكيلي في فلسطين (جمعية ناجي العلي للفنون التشكيلية في فلسطين). فازت عام 2011 بجائزة الصحافة العربية. وقد نشرت رسوماتها الكاريكاتيرية منذ فترة في صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية. وبالإضافة إلى هذه الصحيفة، تنشر أمية رسوماتها في موقع إنترنت وفي صفحات الفيس بوك التي تحمل اسمها. إحدى السمات البارزة في توقيع جحا على رسوماتها الكاريكاتيرية هي رمز مفتاح العودة، الذي يرمز إلى مطالبة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربيّة والشتات في أنحاء العالم بالعودة إلى منازلهم التي عاشوا فيها حتى عام 1948.
وهناك أشكال مرتبطة بمعاناة الفلسطينيين تعود بانتظام في الرسومات الكاريكاتيرية التي ترسمها أمية، ولكن هناك أيضًا عدد غير قليل من الرسومات ذات الطابع الإسلامي الواضح ضدّ اليهود تحديدا وضد الإسرائيليين عامة.
وبعد ذلك توجه مسؤولون في الفيس بوك إليها وطالبوها أن تزيل من صفحتها الشخصية رسومات تحريضية ضدّ إسرائيل والإسرائيليين، يظهر فيها أنها تؤيد قتل المواطنين الإسرائيليين وتدعو إلى الجهاد.
قالت جحا في مقابلة أجرتها مع الإعلام الفلسطيني عام 2010 إنّها تفخر باللقب الذي منحته لها الحكومة الإسرائيلية وهو “إرهابية”.
وقالت أيضا إنها كانت متأثرة جدا بأعمال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي.
عام 2003، قصفت قوات الجيش الإسرائيلي هيئة تحرير صحيفة “الرسالة”، الناطقة بلسان حماس، والتي عملت فيها جحا منذ عام 1996 بل وقالت إن القصف على هيئة التحرير جاء في أعقاب رسمة رسمتها وظهر فيها جنود إسرائيليون من دون رأس وهم يقفون خلف رئيس الحكومة الإسرائيلي حينذاك، شارون. “في عام 2003 اجتاحت قوات صهيونية حي الزيتون وتصدت لها المقاومة الفلسطينية، وتم اقتناص 3 جنود إسرائيليين وقيل إنه قد قطعت رؤوسهم، فرسمت في اليوم التالي كاريكاتيرا في صحيفة الرسالة الأسبوعية التي أعمل بها منذ عام 1996، يقف فيه شارون في مؤتمر صحفي وخلفه عدد من جنوده بلا رؤوس، وشارون يقول: “وهاهم جنودنا البواسل قد عادوا وهم مرفوعي الرؤوس”، وقد تناقل الإعلام الصهيوني هذا الرسم وحظي بانتشار محلي واسع وتم قصف الصحيفة في مساء اليوم الذي تم فيه نشر الرسم”.
ترسم جحا، من بين أمور أخرى، رسومات كثيرة حول الوضع الداخلي الفلسطيني وقد غطّت بشكل واسع من خلال رسوماتها الانقسام الفلسطيني. وتحظى الصراعات العربية الداخلية أيضًا بمكان في جدول رسوماتها وهي ترسم من حين لآخر رسومات نقدية ضدّ ما تصفه هي بنفسها “التخاذل العربي تجاه الغرب”.