بعد مرور عشرات السنوات من السرية، كُشفت تفاصيل حول ملاحقة الموساد الإسرائيلي للمجرم النازي أثناء الحرب، يوزاف منغيله، في وسائل الإعلام الإسرائيلية. يتضح أنه هذه المطاردة هي إحدى أطول المطاردات، وأكثرها تعقيدا وصعوبة مما عمل عليها الموساد، للبحث عن مَن كان يُعرف باسم “ملاك الموت من أوشفيتس”.
عُيّن دكتور يوزاف منغيله في عام 1943 طبيبا كبيرا في معسكر الإبادة الألماني، “أوشفيتس – بيركناو”. كان مسؤولا عن التنصيف في معسكر الإبادة وحكم دون تفكير واهتمام على مئات آلاف اليهود بالموت في غرف الغاز دون رأفة. بالمقابل، أجرى تجارب “طبية” مفزعة على الأسرى.
وبعد الانتهاء الحرب وهزيمة ألمانيا النازية، نجح منغيله في الهرب، والاختباء في أمريكا الجنوبية. كان “الموساد” المنظمة الاستخباراتية في دولة إسرائيل في السنوات الأولى بعد إقامتها، مسؤولا، من بين مسؤوليات أخرى، عن القبض على مجرمي الحرب النازيين الذين نجحوا في الهرب والعيش تحت أسماء مُزيّفة ومحاكمتهم.
ونجح الموساد بشكل أساسي في هذه المهام في القبض على أدولف آيخمان، وهو من بين المسؤولين الكبار عن تطبيق البرنامج لإبادة يهود أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، وإحضاره إلى إسرائيل لمحاكمته. بعد القبض على آيخمان، وقتله في إسرائيل، كان يُعد منغيله في نظر الكثيرين في إسرائيل والعالم المطلوب رقم 1، وكان على الموساد واجب القبض عليه.
“لقد رشى الموساد ضابطا نازيا سابقا وأعطاه مبلغ 5.000 دولار شهريا، حتى نجح بعد مرور بضعة أشهر في إيصال الموساد إلى عزبة في البرازيل كان يعتقد أن منغيله يختبئ فيها”، هذا وفق أقوال أحد رجال الموساد الذي كان مشاركا في العملية. ولكن شكك الموساد في التعليمات التي تلقاها من العميل، وبعد مرور سنوات كثيرة اتضح أنه فوّت فرصة الإمساك بمنغيله، الذي اختبأ في تلك العزبة حقا.
وادعى أحد رجال الموساد أنه شاهد منغيله وجهًا لوجه عندما كان عليه أن يفحص العزبة المشبوهة عن كثب، ولكن عندما طرأت حادثة طارئة لم يتلقَ تصريحا للإمساك بالمجرم النازي. وفق البرقية التي أرسلها إلى مشغليه في مقر الموساد الإسرائيلي، فقد شاهد رجل الموساد الذي سار في الغابة المجاورة للعزبة التي سكن فيه منغيله شخصا يبدو أنه منغيله وكان يسير أمامه وبرفقته شخصين آخرين. ولكن أخبره مشغلونه، أنه طرأت حالة طارئة اختُطف فيها طفل يدعى يوسلا شوحماكر ونُقِل إلى خارج إسرائيل، لهذا عليه أن يعود إلى إسرائيل بسرعة وتأجيل عملية القبض على منغيله.
وبعد مرور عدة سنوات، وبذل الكثير من المال، والجهود من أجل القبض على منغيله، مجرم الحرب النازي، وبعد أن عرف الموساد نهائيا مكان اختبائه تماما، أصبح الوقت متأخرا لأن منغيله قد مات غرقا.