ويعتبر الجمهور الإسرائيلي حرب يوم الغفران أو كما تسمى حرب تشرين 1973، تجربة وطنية صدماتية. يرافق الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى المفاجأة والهجوم المصري المفاجئ على إسرائيليين كثيرين من أبناء ذلك الجيل الذين عاصروا الحرب الصعبة.
وقد تم اليوم كشف النقاب عن شهادة رئيسة حكومة إسرائيل في حينه، غولدا مئير، أمام لجنة أغرنات، وهي اللجنة التي تم تعيينها لبحث الفشل الذي أدى إلى المفاجأة ونشوب الحرب.
وتتطرقت رئيسة الحكومة غولدا مئير في شهادتها إلى انعدام وجود تحذير استخباراتي، الفشل في تجنيد الاحتياط وانعدام تجربتها النسبية مقارنة بأفراد الجيش الذين تصدوا لها في النقاشات. وتصف غولدا مئير في شهادتها التي يتم نشرها الآن من أرشيف الجيش الإسرائيلي في وزارة الأمن لذكرى مرور 40 سنة على نشوب الحرب، المعلومات الاستخباراتية التي تلقتها، مخاوفها وأخطاءها في الأيام التي سبقت الحرب. وتروي في شهادتها:
“أعتقد أن عنوان الكارثة التي حدثت لنا عشية يوم الغفران هو الخطأ. كل واحد في مجاله أخطأ قليلا. أنا لا أعتقد أن هناك شخصًا واحدًا يمكنه أن ينهض ويقول لم أخطئ. إذا كان قد أخطأ عن سابق وعي وإدراك، فهذا يعني أنه لم يحلل المعلومات بشكل صحيح، أو أنه أخطأ، لنقل، لأنه لم يجرؤ أمام الخبراء ليقول شيئا لم يقله الخبراء. أنا نفسي على سبيل المثال، ما الذي حدث لي؟ كانوا يعتقدون أنها حمقاء. حسنًا. هذا صحيح بقدر كبير. ولكن ما الذي كان سيحدث لي لو قلت ما شعرت به في تلك الأيام. هذا ليس جيدًا لي، أنا لم أتمكن من الوقوف في مواجهة مع رئيس شعبة الاستخبارات (زعيرا) أو قائد الأركان (دافيد إلعزار)”.
يمكن أن نعرف من شهادة مئير عن مستوى الثقة التامة التي منحتها غولدا للتقييم الخاطئ من قبل رئيس شعبة المخابرات زعيرا، ولذلك لم يقترح أي من أعضاء الحكومة أو قائد الأركان تجنيد الاحتياط حتى اليوم الذي نشبت فيه الحرب وهو أصعب الأمور. تم الكشف أساسا عن حقيقة أن رئيسة حكومة إسرائيل لم تطبق صلاحيتها على وزير الأمن (موشيه ديان) وقائد الأركان.
على الرغم من أن مئير قد توفيت منذ 35 سنة، تم الآن فقط اتخاذ قرار بنشر شهادتها، وذلك على الرغم من المطالبات المتكررة طيلة السنوات، وخاصة من قبل العائلات الثكلى، بادعاء أن من حقهم معرفة ما هي المعلومات التي كانت بحوزة المرأة التي رفضت تجنيد جنود الاحتياط، على الرغم من التحذيرات الواضحة حول نشوب الحرب في السادس من تشرين.
وقد ركزت شهادة رئيسة الحكومة على بعض المواضيع التي طُرحت في الأيام ما قبل الحرب – إخراج الخبراء الروس من القاهرة، قدرات السادات على اتخاذ القرار لوحده لشن الحرب، مغادرة رئيس الموساد تسفي زامير إلى لندن للقاء مستعجل مع العميل أشرف مروان، تفعيل الوسائل الخاصة وتجنيد الاحتياط قبل الحرب. فيما يلي أقوالها عن السادات:
“أحدث الأمور الموجودة لدينا هنا هي شعبة المخابرات، خدمات استخباراتية من غير المؤكد إذا كانت دول كثيرة يمكنها منافستها. لقد فعل عبد الناصر في عام 1967 أمورًا غير منطقية، والآن يتواجد في مصر أنور السادات الذي هو أقل مكانة من عبد الناصر، والجميع يقول لنا أن أي منهما لم يقرر لوحده، وها هو السادات قرر لوحده. لقد طرد الروس وهذا لم يكن منطقيًا وعلى الرغم من ذلك فعل الأمر”، قالت غولدا محاولة تعليل التقديرات غير الصحيحة للاستخبارات عشية الحرب.
ولأن شعبة المخابرات قد قدرت في أيار 1973 أن حربًا لن تنشب وهي لم تنشب بالفعل، تقول رئيسة الحكومة أن مصداقية المؤسسة قد ارتفعت: “كنا معتادون على أن السادات – الآن يمكننا أن نطلب المعذرة منه – ليس شخصًا جديًا، وكانت هنا أحاديث بين أشخاص كثيرين حول مجرد بقائه، كيف يمكن للشعب أن يتحمله، وكانت شعبة المخابرات قد أثبتت نفسها في حينه. كان توارد الأفكار في تلك الأيام مع 1967”.
ثمة وجه آخر مثير للاهتمام في الشهادة وهي المساعدة الأمريكية التي غيّرت مجرى الحرب وأتاحت لإسرائيل، من بين أمور أخرى، أن تمنع حربًا طويلة ومليئة بالخسائر. وهذا ما ترويه مئير في اللجنة بشأن المساعدة الأمريكية، التي شملت 40 طائرة فانتوم و 53 طائرة سكاي هوك “حين طرح قائد الأركان مسألة الضربة المانعة، قلت أن 1973 هي ليست 1967، وفي هذه المرة لن نسامح أنفسنا ولن نحصل على مساعدة عندما سنحتاج إليها. أنا عرفت وأعرف الآن أيضا أنه من الممكن، ربما من المؤكد، أن شباب لم يعودوا بيننا، كان يمكن أن يبقوا على قيد الحياة. ولكنني لا أعرف كم من الشباب كانوا سيسقطون بسبب قلة المعدات. لا يمكنني أن أقول بالتأكيد أن بإمكاني أن أثبت، ولكن فيما عدا هذا التحفظ، يمكنني أن أقول بالتأكيد أن البنتاغون، كما أعرفه، وحسب التصريحات التي كانت لدينا حتى وصلنا إلى “إيرليفت” – لم يكن ليوافق”.