إنّ التحوّل الذي أحدثته أزمة الشبان الإسرائيليين المختطفين وعملية “إعادة الإخوة”، في العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وخصوصًا محمود عباس وبنيامين نتنياهو؛ ليس أقل مذهلا. إذا كان كلا القياديين لم يقيما أي تواصل خلال المحادثات بين الجانبَين، والتي توقفت قبل نحو شهرين، وأكثرا من مهاجمة بعضهما البعض، فإنّ الصورة قد تغيّرت.
بعد عملية الاختطاف تحدث كلا الجانبين، بعد مرور أكثر من عام لم يتحدّثا فيه. وأيضًا، مدح نتنياهو تصريحات محمود عباس بخصوص التعاون الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين، وعرّفها بأنها “مهمّة”. ربما تستطيع الأزمة الحالية أن تقود إلى نتائج إيجابية وليست متوقعة.
صرّح عباس أمس، والذي زار روسيا في الأيام الأخيرة والتقى مسؤولين روس، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنّه مستعد لتجديد المفاوضات مع إسرائيل، وذلك خلال مراسم تلقّي الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الدبلوماسية الروسية في موسكو. اشترط عباس تجديد المحادثات بأنّ تطلق إسرائيل سراح أسرى الدفعة الرابعة التي لم يُفرج عنها بعد، وأن تكرّس الأشهر الثلاثة الأولى من المحادثات لقضية الحدود.
قوبلت تصريحات عباس بصورة متشكّكة قليلا في الجانب الإسرائيلي، رغم أنّ هناك من ينظر إليها نظرة تفاؤل. في الماضي، ادعى مجهولون أنّ الحديث عن خداع، حيث أنّ عباس لا يريد التوصّل مطلقا إلى تسوية في هذه المرحلة. حسب ادعائهم، فإنّ عباس يرغب بنقاش قضية الحدود من أجل تحقيق تقدّم بالنسبة للجانب الفلسطيني على شكل تنازلات إسرائيلية عن أراض معيّنة، وكلّ ذلك من أجل أن يتمكّن من عرضها على شكل نقاط افتتاح مع بداية المحادثات في المرة القادمة.
الحكومة الإسرائيلية منقسمة ومتنوعة، ورئيسة الحزب الأصغر على الإطلاق، وزيرة العدل تسيبي ليفني، هي التي ندمت على السعي للتسوية مع الفلسطينيين، مما أدى إلى تعرضها إلى مواجهة من قبل زملائها في الحكومة في الكثير من الأحيان. لم ترد ليفني على تصريحات عباس بعد، ولكنّها نشرتْ قبل هذه التصريحات في أمس الأول مقال رأي في الصحيفة الأمريكية “وول ستريت جورنال”.
ادعت ليفني في المقال بشدّة أنّه يُمنع إعطاء حماس، والتي هي منظّمة إرهابية بشكلها الحالي، فرصة المشاركة في انتخابات ديمقراطية. وأوضحت أن على حماس التخلّي عن طريقها العسكري ودعوتها للقضاء على إسرائيل، وعليها أيضًا أن توافق بأنّ القوة العسكرية في السلطة الفلسطينية تتبع للسلطة، ولا يمكن الانقلاب عليها.
تحدّثت ليفني في هوامش المقال عن التزامها الشخصي بعودة المفاوضات وإنهاء الصراع، رغم جميع المصاعب والعراقيل، وأكّدت على أنّها تعمل من أجل ذلك من داخل الحكومة. وبالمقابل، دعا أحد المسؤولين في حزب “البيت اليهودي”، وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أريئيل، حزب ليفني، “الحركة”، إلى الخروج من الحكومة لأنّه ادّعى أنّ أحد أعضاء حزبها قارن بين البيت اليهودي وحماس. إذا كان الأمر كذلك، فإنّ المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، ليست قاب قوسين أو أدنى تمامًا، ولكن قد نرى الضوء في نهاية النفق.