بدأ الجيش السوري الأربعاء عملية برية واسعة في وسط البلاد مدعوما للمرة الأولى بغطاء جوي من الطائرات الروسية، تزامنا مع تأكيد الرئيس فلاديمير بوتين أن قواته ستساند بفعالية هذه الهجمات.
وفي موقف لافت، أبدت موسكو الأربعاء استعدادها لإجراء اتصالات مع “الجيش السوري الحر” في إشارة إلى الفصائل المصنفة بـ”المعتدلة”، رغم تكرار مسؤولين روس في الأيام الأخيرة أنهم ينتظرون شرحا من الدول الغربية لمفهوم “المعارضة المعتدلة”.
وقال مصدر عسكري سوري لوكالة فرانس برس الأربعاء “بدأ الجيش السوري والقوات الرديفة عملية برية على محور ريف حماة الشمالي (…) تحت غطاء ناري لسلاح الجو الروسي”، تستهدف “أطراف بلدة لطمين غرب مورك (حماة)، تمهيدا للتوجه نحو بلدة كفرزيتا” التي تتعرض منذ أيام لضربات روسية جوية.
ويواجه الجيش السوري في تلك المنطقة وفق المصدر، جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا)، بالإضافة إلى فصائل أخرى مقاتلة بعضها إسلامية كـ”صقور الغاب وتجمع العزة”.
وأكد مصدر عسكري في ريف حماة لوكالة فرانس برس “إن الجيش السوري يعمل في عملياته الأخيرة على فصل ريف إدلب الجنوبي (شمال غرب) عن ريف حماة الشمالي”.
ويسيطر “جيش الفتح” المكون من فصائل إسلامية عدة بينها جبهة النصرة وحركة أحرار الشام على محافظة ادلب. وتنتشر هذه الفصائل الإسلامية بالإضافة إلى مجموعات أخرى مقاتلة في مناطق عدة في ريف حماة الشمالي.
وحاولت هذه الفصائل خلال الأشهر الأخيرة التقدم من إدلب باتجاه حماة للسيطرة على مناطق تخولها استهداف معاقل النظام في محافظة اللاذقية (غرب) التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الأسد.
ويسعى الجيش، وفق المصدر، إلى “تأمين طريق دمشق حلب الدولي” الذي يمر عبر حماة و”المغلق حاليا بسبب العمليات العسكرية”.
وتزامن بدء هذه العملية مع إعلان بوتين الأربعاء أن العمليات الروسية المقبلة “ستكون متزامنة مع العمليات البرية للجيش السوري” مضيفا ان “سلاح الجو سيساند بشكل فعال هجوم الجيش السوري”.
في غضون ذلك، عادت الولايات المتحدة الأربعاء للحديث، ولكن بحذر شديد، عن إمكانية فرض منطقة حظر جوي في سوريا، المطلب التركي القديم العهد الذي ومنذ بدأ النزاع في سوريا قبل أربعة أعوام لا يكاد يطفو على السطح حتى يعود ويتلاشى.
وسأل صحافيون الرئاسة ووزارة الخارجية الأميركيتين الأربعاء عن مدى صحة ما ذكرته شبكة “سي ان ان” من أن وزير الخارجية جون كيري سلم قبل أيام البيت الابيض مشروعا لاقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا.
ورفض المتحدث باسم الخارجية جون كيربي التعليق على ما إذا كان الوزير قد قدم فعلا توصية بهذا الصدد إلى الرئيس باراك أوباما أو لا، ولكنه أقر في الوقت نفسه بأن هذا الموضوع هو مدار بحث في واشنطن.
كما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية الأربعاء أن طائرة واحدة على الأقل تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية اضطرت لتغيير مسارها أثناء تحليقها في الأجواء السورية لكي تتجنب الاقتراب كثيرا من مقاتلة روسية.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنه “منذ 30 ايلول/سبتمبر وحتى الآن اصابت الضربات 112 هدفا. وكثافة الضربات تتزايد”، مشيرا إلى أن “أربع سفن من أسطول بحر قزوين شاركت في العملية العسكرية”.
ويظهر شريط فيديو ورسوم بيانية نشرتها وزارة الدفاع الروسية إطلاق الصواريخ من سفن حربية في بحر قزوين لتعبر الأجواء الإيرانية ومن ثم العراق وصولا إلى سوريا.
وبعد مقارنة الرسوم البيانية لأهداف الصواريخ مع خريطة المناطق السورية، يمكن التقدير أن إحدى هذه الصواريخ سقطت في المنطقة التي تتواجد فيها مدينة الباب في حلب، فيما تظهر الصواريخ الأخرى متجهة نحو أهداف في محافظة ادلب.
إلا أن جون كيربي أعلن الأربعاء “أكثر من 90 بالمئة من غاراتهم التي شهدناها لم تكن ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو ضد إرهابيين مرتبطين بالقاعدة. لقد كانت في قسمها الأكبر ضد مجموعات معارضة” معتدلة تقاتل نظام الرئيس بشار الأسد.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، نفذت طائرات روسية منذ ليل الثلاثاء الأربعاء ثلاثين غارة على الأقل على ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى 16 غارة استهدفت محافظة إدلب”.
ووفقا للمرصد، قتل ستة أشخاص بينهم طفلان جراء غارات “يعتقد أنها من طائرات روسية استهدفت بلدة معصران في ريف معرة النعمان” في إدلب.
ودخل النزاع السوري المتشعب الأطراف منعطفا جديدا مع بدء روسيا شن ضربات جوية تقول إنها تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية فيما تعتبر دول غربية أن هدفها الفعلي دعم قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في ضوء الخسائر الميدانية التي منيت بها في الأشهر الأخيرة وتنتقد استهدافها فصائل “المعارضة المعتدلة”.
وإزاء هذه الانتقادات، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء أنه “وفقا للموقف الذي عبر عنه الرئيس بوتين فان روسيا مستعدة للمساهمة في توحيد جهود الجيش السوري والجيش السوري الحر لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعات إرهابية أخرى بما في ذلك التنسيق مع طلعات الطيران الروسي”.
وأبدت في بيان استعدادها لإجراء اتصالات مع “قادة هذه البنية لبحث إمكانية مشاركتها في العمل لوضع عملية تسوية سياسية للأزمة السورية، عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة الوطنية”.
وأكد بوتين الأربعاء أن نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند اقترح عليه الجمعة في باريس “توحيد جهود” قوات الأسد والجيش السوري الحر، لكن مصادر مقربة من هولاند أعلنت اليوم أن الأخير لم يقترح هذه الفكرة لكنه ذكر بوتين “بضرورة وجود المعارضة السورية في أي مفاوضات محتملة”.