تُجمع عناوين الصُحف الإسرائيلية صباح اليوم، في كل ما يتعلق باللقاء الذي عُقد أمس بين نتنياهو وأوباما: هذا هو اللقاء الأبرد والأكثر تباعدًا من بين اللقاءات التي جمعت الزعيمين في الماضي. ذهبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بعيدًا في ذلك ووضعت صورة من لقائهما أمس مقابل صورة من اللقاء الأول الذي جمع بين أوباما ونتنياهو عام 2009، حيث يبدوان متحابيْن ومبتسميْن. تطرقت صحيفة “إسرائيل اليوم” أيضا، التي تُعتبر الصحيفة الناطقة باسم نتنياهو، إلى الخلافات بينهما.
بدا التباعد بينهما واضحًا للغاية، وليس فقط بسبب البُعد الفعلي بين كرسييهما في غرفة اللقاء. رافق كل منهما، بخلاف اللقاءات السابقة التي جمعتهما، مجموعة من المستشارين والمُقربين، وكان اللقاء مُصورًا وموثقًا بأكمله، الأمر الذي حال دون أن يكون لقاءً حميميًا أو أن تصدر عنه قرارات هامة. وصف أحد أفراد الفريق المُرافق لنتنياهو، والذي كان حاضرًا في اللقاء، العلاقة بين الرئيسين أنها أشبه بالعلاقة بين العجوزين من مسلسل “عرض الدمى المتحركة”: “إنهما يلتقيان منذ سنين، يتجادلان، يضايق كلٌ منهما الآخر ولكن في النهاية يظلان معًا”.
وبالفعل، عرفت العلاقات بين الزعيمين مواضيع كثيرة: جعل الشأن النووي الإيراني، سابقًا، العلاقة بينهما مُلبّدة، وفي نهاية الأمر كان أوباما الرابح، أما هذه المرة فإن القضية الفلسطينية، وتحديدًا قضية البناء في المستوطنات ومسار المفاوضات العالقة تؤثر في العلاقات بينهما.
عاد أوباما وأكّد، سواء كان خلال الخطاب الذي ألقاه من على منصة الجمعية العامة للأمم المُتحدة أو خلال لقائه بنتنياهو، الحاجة إلى التوصل إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، مؤكدا على ضرورة بقائها آمنة ومُستقرة. وأوضح أوباما أن مفتاح الحل يكمن في تجميد البناء، ولكن، يبدو أن نتنياهو ذاته ليس مُقتنعًا بهذا، وما زال يُلقي اللوم على إصرار الفلسطينيين على عدم التنازل عن حق العودة والعودة إلى المفاوضات من دون شروط مُسبقة.
أكّد كل من الزعيمين، في نهاية اللقاء، على العلاقة الوطيدة بين الدولتين، وقدّم نتنياهو دعوة لأوباما للحفاظ على العلاقة بينهما والمجيء للعب الغولف معه في إسرائيل حتى بعد نهاية ولايته. ردّ أوباما بآداب على الدعوة ولكن، كان واضحًا للجميع أنه لا ينوي أن يفعل ذلك أبدًا، بل العكس.
ما كان واضحًا طوال اللقاء، وهو ما لم يُذكر أبدًا، أن أوباما ينتظر انتهاء الانتخابات للرئاسة الأمريكية في شهر تشرين الثاني، ليتسنى له أن يقوم بخطوة في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين، ويترك بصمته في هذا الموضوع. يخشى المسؤولون في ديوان نتنياهو من هذه اللحظة، ولكن، يبدو أن اللقاء الذي جمع بين الزعيمين البارحة لم يؤثر في مخططات أوباما أبدا.
من الواضح أن نتنياهو، من جهته، ينتظر انتخاب الرئيس القادم، ففي حال انتُخب كلينتون أو ترامب، لا شك أن التعامل مع نتنياهو من قِبل أي منهما سيكون تعامل يستند إلى الاحتواء أكثر.
سيلقي نتنياهو هذه الليلة خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المُتحدة، وسيتحدث طبعا عن القضية الإسرائيلية – الفلسطينية. إلا أنه إذا استمر في محاولة إقناع العالم بشرعية المستوطنات من غير المؤكد أنه سيجد من يستمع إليه.