من المتوقع أن تصل المعركة التي يديرها القضاء المصري في شأن الرئيس المعزول، محمد مرسي، اليوم (الثلاثاء) إلى نهايتها وإلى المصادقة على العقوبة المقررة له ولبعض أنصاره من الإخوان المسلمين، الإعدام.
وكما هو معروف، ففي أواسط شهر أيار هذا العام، حكمت المحكمة في مصر على محمد مرسي بالإعدام بتهمة مشاركته في الاقتحام المنظّم للسجون عشية الثورة عام 2011 ومشاركته بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير. وقد حُكم بالإعدام معه على زعيم الإخوان المسلمين، محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر. في بداية هذا الشهر (2 حزيران) رفض مفتي مصر قرار الإعدام ومنذ ذلك الحين يحتدم الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المصرية والعربية حول السؤال هل سيتم إعدام مرسي وزعماء الإخوان المسلمين شنقًا ؟
قرّر كلا الطرفين في مصر تصعيد الصراع. قرّر زعماء الإخوان المسلمين الذين هربوا واستقرّوا خارج البلاد تحدّي نظام الرئيس الحالي السيسي، برّروا القتل في سيناء وهدّدوا النظام الحالي في مصر. من جهة، طلب المدّعي العام معاقبة مسؤولين آخرين من الإخوان المسلمين بتهمة جرائم قد تؤدي إلى حبل المشنقة: التخابر والهروب من السجن.
وقد سارع محلّلون بارزون في وسائل الإعلام العربية إلى توجيه الانتقادات الشديدة لتعامل السيسي مع مرور عام على ولايته. كتب المحلّل رضا حمودة في صحيفة “عربي 21” مقالا لاذعا يدين السيسي: “ماذا قدم عبدالفتاح السيسي خلال عام من تنصيبه كحاكم أوحد للبلاد وعامين من الحكم عمليا بعد انقلابه في الثالث من يوليو عام 2013 على أول تجربة ديمقراطية حقيقية مرت بها مصر خلال تاريخها الطويل؟ ! العنوان الأكبر للإجابة هو الفشل الذريع في كل شيء، وعلى كافة المستويات، وفي جميع الملفات”.
من جهة أخرى، يقوم الرئيس المصري بجهود حثيثة من أجل تعزيز وخلق بيئة إعلامية حوله مؤيّده لجميع نشاطاته سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الاجتماعي. ترافقه الوسائل الإعلامية الحكومية ونصف الحكومية في كل زيارة وتغطي تأييده في الشارع. مثال على ذلك هو التغطية الواسعة والإيجابية التي حظي بها لدى زيارته لألمانيا. في معظم وسائل الإعلام الرئيسية تم عرض السيسي كمخلّص مصر، اليد الحديدية التي ستُعيد المستثمرين الأجانب وستُدفق الأموال إلى الاقتصاد المصري الذي يعاني منذ سنوات طويلة من عيوب هيكلية تصعّب نموّه.
المعركة الحقيقية بين كلا الرجلين ليست في المحكمة بل في مواقع التواصل الاجتماعي. يرفع أنصار كلا الطرفين في الأسبوع الأخير مقاطع فيديو مع أو ضدّ أيّ منهما.
في إحدى الأغنيات الأكثر شعبية اليوم في مصر، وهي أغنية قد حازت على آلاف المشاركات والاستماعات على صفحات اليوتيوب، تشكو المغنية من قصور أداء السيسي في إعطاء الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل توفير الكهرباء أو الوقود. عنوان الأغنية “سيسي النحس يا سيسنا”.
https://www.youtube.com/watch?v=E9cjGaZZPlE
في مقطع فيديو آخر تم سؤال مواطنين مصريين إذا ما كانوا راضين عن أداء الرئيس؟ وكيف ينجون من الأزمة الاقتصادية، تخفيض الدعم الحكومي وزيادة الضرائب؟ يقول الكثير من المواطنين إنّهم مخيّبو الآمال من النظام ومن زعيمهم بل ويهدّد بعضهم بإضرابات عن الطعام وبثورة لإسقاطه، كما أسقطوا سابقه.
https://www.youtube.com/watch?v=CprjSnPJW8E
من الجانب الآخر، رفع أنصار الرئيس واحدا تلو الآخر مقاطع فيديو مؤيّدة ومعجبة بالرئيس وأدائه لضمان أمن واقتصاد أرض النيل.
ويتحدّث في أحد مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة شيخ كبير من الأزهر (صبري فؤاد) عن صديق سافر إلى العمرة في مكة وسعى هناك إلى لعن السيسي وطلب من الله القضاء عليه. يتحدث الشيخ في مقطع الفيديو عن أنّ صديقه لعن كل زعماء العرب المستبدّين بدءًا من القذافي والأسد مرورا بصدام وزين العابدين ولكن عندما وصل إلى لعن السيسي، شُلّ لسانه.
وفي مقطع فيديو آخر يتم نشره على الدوام يظهر عبد الفتاح السيسي وهو يُوزع جوائز تقدير لنساء وأطفال مصريين فقدوا أزواجهنّ أو آباءهم في الحرب ضدّ الإرهابيين في سيناء. يشدّد معدّو هذا المقطع على حساسية زعيمهم وكيف يعانق ويبكي مع طفل فقد والده الجندي.
https://www.youtube.com/watch?v=-qOgK6x2dE0
ومن المتوقع أن تتعزّز المعركة الإعلامية في الأشهر القادمة حتى اتخاذ القرار النهائي في شأن مرسي وسائر زعماء الإخوان، ومن غير المتوقع أن تتوقف الحروب الإعلامية في الإنترنت بين أنصار السيسي وأنصار مرسي.
من الواضح اليوم أن إمكانية إعدام أعضاء الإخوان المسلمين لا يمكن استبعادها. تم إعدام سيد قطب، ناشط كبير ومفكر من الإخوان المسلمين، عام 1966 لاتهامات مشابهة: التآمر ضدّ مصر. الأجواء السياسية الحالية مشابهة لتلك التي سادت في الستينيات. ستؤدي إدانة الزعماء إلى حبل المشنقة دون النظر إلى دعوات العفو والوساطة، والتي من المتوقع أن تظهر بعد المصادقة على الأحكام.