ستحلّ في الأسبوع القادم الذكرى السنوية الحادية عشرة لوفاة زعيم الشعب الفلسطيني، الذي اعتُبر مؤسس الحركة الوطنية الفلسطينية، ياسر عرفات. في هذه الفرصة نقدم لكم قراءنا الأعزاء عشر حقائق مثيرة للاهتمام ربّما لم تعرفوها عن أبو عمار.
1. كانت علاقة الطفل محمد ياسر عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات معقّدة وإشكالية مع والديه. وُلد في القاهرة، وبعد وفاة والدته زهوة فقطن عندما كان في الرابعة من عمره أُرسِل مع أخيه الأصغر فتحي ليسكن عند عمّه في حارة المغاربة في القدس. وعندما كبر، عاد إلى القاهرة. قالت شقيقته الكبرى، إنعام، لكاتب سيرة عرفات إنّ والدها كان يضربه بشدّة. كانت علاقته مع والده سيّئة جدّا، إلى درجة أنّه لم يحضر جنازته عام 1952، بل ولم يزر قبره في غزة أبدا.
بخلاف ذلك، بقيت أمه زهوة لديه كذاكرة بعيدة ودافئة، وبالفعل فقد سمّى ابنته الوحيدة فيما بعد على اسمها.
2. عام 1948 كان يقيم عرفات في القاهرة، وكان حريصا على المشاركة في المعارك ضدّ إسرائيل. تجمّع هو وأصدقاؤه الفلسطينيون في نادي الشباب الفلسطيني، وقرروا أنّ كل من أراد القتال فلينضمّ لإحراق الكتب الدراسية. حرق عرفات كتبه، وانضمّ إلى الحرب. وقد شارك في المعارك على جنوب قطاع غزة.
3. شكلت الهزيمة عام 1967، في الواقع، نقطة انطلاق عرفات مكانة الزعيم. مرّت علاقة عرفات بجمال عبد الناصر بمدّ وجزر. في بداية حياة عرفات العامة وفي الأيام الأولى لحركة فتح، اعتبر عبد الناصر عرفات خائنا بل وعميلا لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA. فقط بعد الهزيمة في حرب حزيران عام 1967 غيّر عبد الناصر رأيه، وتبنّى عرفات وحركة فتح.
4. يعرف الجميع عن زواج عرفات من سهى الطويل عام 1990. ولكن قبل نحو ثلاث سنوات، في شباط عام 2013، قالت سهى في مقابلة مع الصحيفة التركية “صباح” إنّها حاولت الطلاق من عرفات مائة مرة. وأضافت: “عارضت أمي هذا الزواج ولاحقا فقط أدركت لماذا. لو كنت أعلم ما سأمر به، بالتأكيد لم أكن سأتزوج منه”. ومع ذلك، أضافت سهى: “كانت الحياة معه صعبة، ولكن الحياة دونه أصعب”.
5. كان التتويج النهائي لعرفات كبطل عربي قومي بعد معركة الكرامة في آذار عام 1968، عندما كان الجيش الإسرائيلي في ذروة مجده. ورغم أنّ المعركة انتهت بمقتل 100 فلسطيني، ومئات الجرحى، وعشرات القتلى من الجيش الأردني، و 33 قتيلا فقط من الإسرائيليين – اعتُبرت المعركة هزيمة إسرائيلية واعتبر عرفات كمن قاد شعبه نحو النصر، وقد وقف إصراره ضدّ خنوع زعماء الدول العربيّة.
6. كان يُعتبر عرفات دائما في إسرائيل كإرهابي خطير، يطمح إلى قتل الإسرائيليين بشكل جماعي. حتى الاتفاقات مع إسرائيل لم تحسّن كثيرا من صورة عرفات في أوساط عامة الناس في إسرائيل. الأمر الوحيد الذي حسّن من صورته في إسرائيل هو برنامج ساخر من الدمى، سُمّي “هاحارتسوفيم” وسخر من السياسيين في إسرائيل. تم تقديم عرفات في البرنامج كعجوز محبوب ومرتبك ولكنه ماكر، وقد تحسّنت صورته في أوساط الإسرائيليين في السنوات التي تم بثّ هذا البرنامج فيها.
https://www.youtube.com/watch?v=67My-IB9JfQ
7. في أعقاب حرب عام 1973، أدرك عرفات أنّ الحركة الوطنية الفلسطينية لن تنجح أبدا في التقدّم واكتساب الشرعية الدولية إذا استمرت في الكفاح المسلّح ولم تقم بصياغة برنامج سياسي. هذا الإدراك هو الذي قاده ليقف في تشرين الثاني عام 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وليصرّح قائلا: “لقد جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي وببندقية الثائر في يدي، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي،لا تسقط الغصن الأخضر من يدي”.
https://www.youtube.com/watch?v=4VbiDLX1b6A
8. قيل كثيرا عن ميل عرفات للكذب أو لعرض أجزاء مشوّهة من الحقيقة. تحدث يسرائيل حسون مؤخرا، الذي كان نائب رئيس الشاباك وعضوًا في الوفد الإسرائيلي في كامب ديفيد، حول المحادثة التي جرت بين عرفات وبين الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والتي كان حاضرا فيها.
فقال حسون: “تحدث عرفات عن طفولته في القدس، كيف كان يستيقظ صباحا، يذهب لإحضار الماء لوالدته من البئر، وبعد ذلك يذهب مشيا على الأقدام إلى المدرسة ويعود في الظهيرة. قال كلينتون إنّ ذلك رائع، وقلت أنا لكلينتون: سيدي، هناك مشكلة واحدة فقط. وهو أنّ المسافة التي قال لك إنّه اجتازها كل صباح هي 40 كيلومترًا من المشي. لو كان باستطاعة عرفات أن يمشي 40 كيلومترًا في ساعة وربع، فخذه للمارينز من اليوم”.
9. كان العقد بين عام 1982 و 1992 كما يبدو هو سنوات الانحسار الأعمق في قيادة عرفات، وذلك رغم اندلاع الانتفاضة في نهاية عام 1987. بدأ الانحسار منذ طرده من بيروت، واستمر في مجزرة صبرا وشاتيلا، والتقويض الذي لا ينتهي لقيادته لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل فصائل منافسة والصراع مع الرئيس السوري حافظ الأسد. في نهاية المطاف، وجد عرفات نفسه في حرب الخليج عام 1991 كمؤيد معزول لصدام حسين، وكانت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية في الساحة الدولية منخفضة أكثر من أي وقت مضى. إن التوقيع على اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل عام 1993 هو الذي أخرجه من الوحل فقط.
10. في السنوات التي سبقت وفاته، أصبح عرفات منفيّا من قبل المجتمع الدولي. خلافا للرئيس الأمريكي كلينتون، الذي أعطى الشرعية لعرفات واستضافه في البيت الأبيض، كره الرئيس جورج بوش عرفات واعتبره عاملا إشكاليا.
وقد تحدث دوف فايسغلاس، رئيس مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي حينذاك أرئيل شارون، كيف تحدث بوش عن عرفات: “أدرك بوش أن عرفات هو عقبة. وقد استخدم مصطلحا مأخوذا من عالم الملاكمة الأمريكية. قال: ‘We are going to kick the shit out of him’، أي إنّه (عرفات) سيتلقّى الكثير جدّا من الضربات حتى تخرج إفرازات معينة – والتي تخرج في الوضع الطبيعي بإرادة الشخص – من جسده من تلقاء نفسها”.