وفقا لوثائق جهاز الاستخبارات الروسية “KGB” منذ عام 1983، فقد كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عميلا لجهاز الاستخبارات الروسية في دمشق، هذا ما كشفته أمس القناة الإسرائيلية الأولى. وفقا للتقرير، فقد كان الاسم الحركي لعباس “كروتوف”، من الكلمة الروسية “كروت” – الخُلْد. وقد ورد في الوثائق اسم عباس الشخصي واسمه عائلته، سنة ولادته، وتفاصيل تؤكد كونه عضوا في اللجنة التنفيذية لفتح في منظمة التحرير الفلسطينية.
ورد هذا الخبر في وثائق كشفها مُعارض النظام السوفييتي، الذي شغل منصب أمين الأرشيف الرئيسي لجهاز الاستخبارات الروسي، فسيلي ميتروخين. وهي وثائق مهمة موجودة بأيدي الباحثين عن جهة التجسس والشرطة السرية للنظام السوفييتي منذ الخمسينيات وحتى تسعينيات القرن العشرين.
تم فتح الأرشيف الكامل الخاص بميتروخين أمام الباحثين في السنة الماضية فقط. طلب باحثون إسرائيليون كل الملف الذي يُعنى بالشرق الأوسط، وقرأوه بدقة. لقد وجدوا فيه معلومات كثيرة عن النشاط السوفييتي في السبعينيات والثمانينيات في أوساط الفلسطينيين في الشرق الأوسط، ومن بين الوثائق أيضًا السطر الذي يشير بوضوح إلى كون عباس عميلا لوكالة الاستخبارات الروسية.
هناك من يُقدّر بأنّ عباس قد تم تجنيده خلال دراسته للدكتوراة في موسكو، والتي أنهاها عام 1982. وفقا لتقرير القناة الأولى، في فترة خدمة عباس كعميل لجهاز الاستخبارات الروسية، خدم في نفس الجهاز أيضًا ميخائيل بوغدانوف، الذي يشغل اليوم منصب المبعوث الروسي الخاص بالشرق الأوسط، ويعمل في هذه الأيام جادا على تشكيل قمة بمشاركة عباس ونتنياهو في موسكو. في الماضي عمل بوغدانوف أيضًا سفيرا لروسيا في إسرائيل.
قال الباحثان من معهد الدراسات ترومان، اللذان قرءا الوثيقة، إنّه كانت هناك عدة رُتَب في جهاز الاستخبارات الروسية إذ صنف الجهاز عملائه بحسبها. هناك مثلا، “شخص ثقة”، “متعاون”، و “مصدر معلومات”، كما قال الباحث. ولكن عباس لم يُوصف كذلك، فقد قيل عنه بشكل واضح في الوثائق إنّه عميل حقيقي.
وقال مسؤولون في الموساد الإسرائيلي إنّ الوثائق تُعتبر موثوقة جدا. لقد كُشف عن عشرات ومئات الجواسيس للنظام السوفييتي وفقا لمعلومات نقلها ميتروخين. ومما ينبغي التأكيد عليه أنّه لا يمكن الاستنتاج من الوثائق إذا ما كان عباس قد عمل عميلا سوفييتيا قبل 1983 أم بعد ذلك العام، وإنما فقط في سنة 1983 فقط.
ولم يعلّق مكتب أبو مازن رسميّا على التقرير، ولكن مقرّبين منه نفوه بشدة. “من الواضح أن هناك محاولة للإضرار بأبو مازن من قبل جهات مختلفة، بما في ذلك إسرائيل. إنها محاولة أخرى لتشويه سُمعته”، كما قال محمد المدني، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح. ونفى أيضًا مسؤول فتح نبيل شعث هذا التقرير، وقال يدور الحديث عن “حملة تشويه رخيصة من أجل التهرّب من دعوة روسيا إلى قمة في موسكو. لم يكن عباس عميلا لجهاز الاستخبارات الروسية ولا أي جهاز استخبارات آخر”. وقد أجرى مسؤول فتح صائب عريقات مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، وعلّق على الأمر ضاحكا وقال “إنها طرفة، بل إهانة”.
خبراء إسرائيليون يرفضون إبداء تحمسهم من هذا الكشف: “كان كل حاكم عربي في الشرق الأوسط في مرحلة من حياته عميلا لإحدى القوى العظمى”، كما قال اللواء الإسرائيلي المتقاعد يعقوب عميدرور، الذي كان في السابق مستشار الأمن القومي لرئيس الحكومة. “في أيام مجده، شغّل جهاز الاستخبارات الروسية في العالم أعدادا لا تُحصى من العملاء، وامتدّت أذرعه إلى كل مكان. إذا ربح أبو مازن مبلغ ضئيل من ذلك العمل، فهنيئا له”.
وأضاف خبير إسرائيلي آخر في العلوم السياسية قائلا “يرسّخ الكشف الأخير فقط ما يعلمه الجميع وخمّنوه وحدهم. لا يدور الحديث عن معلومات مفاجأة إلى حد بعيد، والسؤال هو مّن لديه مصلحة للإضرار بأبو مازن الآن؟”.