مر عام منذ صعود محمد بن سلمان سلم السلطة، ويبدو وكأنه كان يشغل هذا المنصب منذ وقت. لقد أنجز أعمالا رائعة في وقت قصير منذ وصوله إلى سدة الحكم: أجرى زيارات رسمية طويلة وهامة إلى الولايات المتحدة، إنجلترا، فرنسا، روسيا، ومصر، وأجرى عشرات اللقاءات مع رؤساء الدول، ووقّع على أكثر من مئة اتفاقية دولية، وتصدرت السعودية في عهده عناوين وسائل الإعلام في العالم، ولكن هذه المرة حدث ذلك لأسباب إيجابية.
سياسيا، من جهة، ازدادت نشاطات بن سلمان ضد شخصيات هامة إيرانية، تفاقم النزاع بين السعودية وقطر، حصدت الحرب في اليمن ثمنا باهظا من السعودية، والوضع في لبنان وسوريا ليس جيدا. من جهة أخرى، سعى بن سلمان للتأثير فيما يحدث في الأردن، وساعده كثيرا من خلال تقديم مساعدة كبيرة، بينما كانت تجري فيه تظاهرات لأسباب اقتصادية، وطبعا يجب تذكر علاقاته الجيدة مع الإدارة الأمريكية، وتأثيره الكبير على الرئيس ومقربيه، ومنهم صهره جاريد كوشنير.
في الجبهة الداخلية، أدى التغيير في النظرة إلى النساء في السعودية إلى خلافات مع جهات دينية متطرفة، ولكن كسبت السعودية تعاطف العالم الغربي، ما يعود عليها بالفائدة الكبيرة.
ويعمل بن سلمان على مشاريع اقتصادية طموحة، وهناك من يقول إنها كثيرة، وعاد نضاله ضد أغنياء المملكة بالفائدة الكبيرة على خزينة الدولة، رغم أنه خلق أعداء كثيرة له.
تاريخيا، يمكن تذكّر بن سلمان بصفته زعيما عربيا لديه علاقات وطيدة وعلنية مع إسرائيل ويهود الولايات المتحدة الأمريكية. لقد عمل ضد المسلّمات التي تشير إلى أن إسرائيل دولة عدوة لا مكان لها في الشرق الأوسط، وذلك عندما صرح أنه يحق لليهود العيش في الدولة اليهودية. في النقاشات حول “صفقة القرن” – برنامج السلام الخاص بإدارة ترامب، يشكل بن سلمان الجهة الأهم، إذ يُعتمد عليه أن يُقنع الفلسطينيين في أن يشاركوا في المفاوضات. وهذه المهمة ليست سهلة. لقد أعرب الفلسطينيون عن رفضهم حتى عندما عُرِض عليهم برنامج سلام سخي، وكما يعرب أبو مازن عن معارضته الشديدة ومن الصعب إقناعه.
في هذه الأيام، تُجرى محادثات مكثّفة أكثر بين مبعوثي الإدارة الأمريكية وبين جهات إقليمية ذات صلة، بهدف التوصل إلى الموعد الأفضل لعرض برنامج السلام. تقول جهات إسرائيلية إنه يتوقع أن يؤدي السعوديون دورا مركزيا في هذه العملية، إذ إنه من المحتمل أن تقدم السعودية المقابل العربي للتنازلات الإسرائيلية الحقيقية. في الفترة الأخيرة، تحدث رئيس الحكومة، نتنياهو، عن الموضوع موضحا أنه في الماضي كان يقال أن السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية سيؤدي إلى علاقات جيدة بين إسرائيل والدول العربية، ولكن العكس صحيح – العلاقات الجيدة بين إسرائيل والدول العربية ضرورية بهدف ضمان تقدم العلاقات مع الفلسطينيين.