احتلت قضية الغاز مركز النقاشات الاقتصادية في دولة إسرائيل في عام 2015. ويبدو أنه لم يحدث أبدًا أن شغلت قضية اقتصادية الكثير من الإسرائيليين وأثارت خلافات شديدة بين المُعسكرات المُختلفة إلى هذا الحد. فالنقاش حول قضية الغاز هام جدًا بالنسبة لكل مواطن في دولة إسرائيل، وفي وسط هذه النقاش يُطرح السؤال من المستفيد من نمو الاقتصاد الإسرائيلي، وكيف يُمكن التأكد من أن ليس الأشخاص الأكثر ثراء هم من سيستفيدون منه فقط ؟
وأعطى التصديق على “مخطط الغاز”، الذي يدعمه رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضوءًا أخضر لاستمرار الاحتكار التجاري الذي سيُسيطر على سوق الغاز. يقول منتقدو مخطط الغاز، ومنهم خبراء اقتصاديون معروفون، إنه سيمس كثيرا بالاقتصاد الإسرائيلي ويمنح شركات تجارية تصدير المورد الطبيعي الأهم في الدولة بأرباح ضخمة، من دون مُنافسة وضرائب مُلائمة.
وفي حين قال نتنياهو إنه دون التصديق على مخطط الغاز ستسحب شركات الغاز مشاريعها من إسرائيل وستخسر خزينة الدولة الملايين، سيدر مخطط الغاز، وفقًا لأقوال نتنياهو، على إسرائيل مبالغ كبيرة من الضرائب وسيعمل ذلك على تطوير الاقتصاد، على الرغم من أن جزءًا كبيرًا منه سيُصدّر إلى الخارج.
وفي الوقت ذاته، فإن إعلان شركة “إيني” الإيطالية عن أكبر كشف للغاز على الشواطئ المصرية زاد الأمور تعقيدا. واستخدم مؤيدو صفقة الغاز ومعارضوها على حد سواء ذلك الاكتشاف لتعزيز ادعاءاتهم. وبينما قال نتنياهو ومؤيدوه إن اكتشاف الغاز المصري يعزز ضرورة التعجيل ببدء التنقيب في البحر، قال مُعارضوه إنه ليست هناك فائدة من التوقيع على اتفاق لتصدير الغاز طالما أن مصر لا تحتاج إلى استيراد الغاز من إسرائيل.
وقد خاب ظن أولئك الذين تمنوا أن يؤدي موضوع الغاز إلى خروج آلاف الجماهير للاحتجاج في الشوارع، كما حدث في صيف 2011. وقد خرج بضعة آلاف فقط من الأشخاص للاحتجاج ضد هذه المسألة الاقتصادية المُعقدة. ولكن، رُبما كان أحد أسباب غياب الكثيرين من الميادين هو اليأس وإدراك أن المنظومة الاقتصادية الإسرائيلية تعمل لمصلحة الأغنياء فقط. وبينما يحظى أصحاب شركات الغاز بالدخول، بحرية، إلى ديوان نتنياهو، بقي الجمهور الواسع من دون تمثيل مُناسب له، وقد شعر باليأس.
وهنالك عدة أسباب ليأس المواطن الإسرائيلي من الوضع الاقتصادي ولكن الأهم من كل شيء هو ذلك السبب. وقد أشارت تقارير نُشرت مؤخرًا إلى أن نسبة الأزواج الشابة الذين يعيشون في شقة خاصة بهم تراجعت بنسبة 2%، وزادت نسبة الشبان الذين يعيشون مع عائلاتهم أيضًا. والاستقلالية الاقتصادية للشبان الإسرائيليين الذين لا ينتمون لفئة الأغنياء آخذة بالتدهور المُستمر.
وزيادة على كل ذلك تجدر الإشارة إلى أن نسبة الفقر في إسرائيل تعمقت أكثر ووصلت إلى مستويات مُخيفة. فبينما يُصبح الأغنياء أكثر ثراء يُصبح الفقراء أكثر فقرا. 22% من سكان إسرائيل و 31% من أطفالها، الذين يزيد تعدادهم عن 776 ألف طفل، يعيشون اليوم في حالة فقر.
وهل ستتغيّر الصورة في عام 2016؟ في حال استمرت الحكومة الإسرائيلية الرأسمالية بوضع مسألة رأس المال في مركز اهتماماتها، ستبقى حال الضعفاء في تراجع، وأما الأغنياء فيمكن أن يكونوا مطمئنين. وإن لم يطرأ تغيير جذري على السياسة الاقتصادية الإسرائيلية ستبقى الدولة دولة الأغنياء.