تطرق نتنياهو في خطابه في مؤتمر الأمن في ميونيخ – المنتدى العالمي الهام – إلى الموضوع المحبوب لديه، وهو إيران وزيادة قوتها إقليميا (اختار وزير الخارجية السعودي أيضا التحدث عن الموضوع ذاته تماما). اهتم معظم العناوين في مواقع الإنترنت بـ “وسيلة التحايل” التقليدية التي استخدمها نتنياهو، ويجري الحديث هذه المرة عن قطعة من الطائرة المُسيّرة الإيرانية التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي التي نجح سلاح الجوي الإسرائيلي في اعتراضها، ولكن العناوين الرئيسية كانت مختلفة. هدد نتنياهو للمرة الأولى، أن إسرائيل لن تستكفي بإلحاق ضرر بأذرع إيران مثل حزب الله، الجيش السوري، أو حماس، موضحا أنها ستلحق ضررا بإيران مباشرة.
من المتوقع أن الخدمات الاستخباراتية الأجنبية لم تتفاجأ من تهديدات نتنياهو هذه، إذ إنه قبل نحو أسبوعَين، في مؤتمر في تل أبيب، هدد وزير التربية، رئيس حزب “البيت اليهودي” نفتالي بينيت، بتهديدات شبيهة. “تشكل إيران رأس الأخطبوط، وطالما لا يلحق بها ضرر ستنتصر”، قال بينيت، وحتى أنه رفع خطابه في صفحته على الفيس بوك، وأجرى مقابلة أوضح فيها موقفه الجديد، الذي يهدف إلى الإضرار بالأهداف الإيرانية مباشرة.
هذه ليست المرة الأولى التي يملي فيها بينيت على نتنياهو الخط الأمني الذي عليه اتباعه. ففي صيف 2014، أثناء الحرب بين إسرائيل وغزة، اتبع بينيت خطا هجوميا ضد أنفاق حماس مطالبا الجيش بالتعامل معها. بعد تعرض الموضوع لهجوم خطير، حظي في نهاية المطاف بأولوية، وتشير التقديرات الآن إلى أن إسرائيل باتت على عتبة التوصل إلى حل تكنولوجي للأنفاق. كما أن نتنياهو يعمل وفق سياسة بينيت بشأن المستوطنات، مثل بناء بلدة للمستوطنين الذين تم إخلاؤهم من بؤرة “عمونا” أو التوصل إلى تسوية بشأن مكانة مستوطنة “حفات غلعاد”.
يكمن سبب ذلك في سر بقاء نتنياهو السياسي رغم التحقيقات التي تُجرى ضده. يعتقد الكثيرون أن قوة نتنياهو تستند إلى دعم اليمين، الذي سيدعمه دائما إيمانا منه أن نتنياهو سيظل صامدا رغم الضغوطات الخارجية ولن يسمح بإقامة دولة فلسطينية. حفاظا على دعم اليمين، ليس في وسع نتنياهو أن يظهر كيساري أو كمعتدل أكثر من بينيت. ونظرا للتأثير الإعلامي والطاقة اللذين يتمتع بهما زعيم “البيت اليهودي”، الأصغر سنا من نتنياهو، فإن كل فكرة يعرضها تحظى بعناوين رنانة في إسرائيل فورا. لهذا هناك حاجة لمدة أسبوع حتى أسبوعين، على الأكثر، حتى يتبنى نتنياهو أية فكرة يطرحها بينيت.