طوال سنة ونصف تقريبا، انتقل متطوعو المنظمة المسيحية الإنجيلية (Frontier Alliance International) من إسرائيل إلى الجولان السوري لتقديم علاج طبي للسوريين الذين تعرضوا لمطاردة النظام السوري. الآن، بعد أن أصبح المتطوعون مجبرين على مغادرة سوريا لأن قوات الأسد تسيطر على المنطقة، بدأوا يتحدثون للمرة الأولى في مقابلة لصحيفة “يديعوت أحرونوت” عن التجارب الخاصة التي مروا بها.
في ظل إطلاق النيران المكثف، دخل المتطوعون إلى القرى السورية المدمّرة – أطباء وطبيبات مسيحيون إنجيليون، معظمهم أمريكيون، خاطروا بحياتهم واجتازوا الحدود الإسرائيلية في جنوب الجولان وذلك بالتعاون مع مديرية “حسن الجوار” التابعة للجيش الإسرائيلي. في إطار النشاطات، أقام عشرات الأطباء، الممرضين، والمضمدين من منظمة الـ FAI عيادات، ساعدوا النساء على الولادة، أجروا عمليات جراحية ميدانية للمرضى والجرحى، وعالجوا أطفالا يعانون من إصابات خطيرة في الرأس والبطن.
“كان معظم المرضى أطفالا عانوا من إصابات خطيرة. شاهدت أطفالا موتى وجرحى كثيرين كانت حالتهم خطرة”، قال لصحيفة “يديعوت أحرونوت” دلتون توماس، مؤسس المنظمة التي أقيمت في عام 2011. وأضاف: “عملنا في البداية في كل الدول القريبة من سوريّا: تركيا، شمال العراق، الأردن، ودول أخرى في الشرق الأوسط. أقمنا عيادات ميدانية لمساعدة الجرحى. في عيد الميلاد في عام 2016، سمعنا عن مديرية ‘حسن الجوار’، وتواصلنا معها”.

أقيمت مديرية “حسن الجوار” العسكرية في الجبهة الشمالية، لتقديم مساعدات إنسانية وطبية. لقد قدّمت بنى تحتية، أنابيب مياه، مولدات كهرباء وطاقة، وحاجيات أساسية مثل الأطعمة، مستحضرات الصحة، الملابس، الأطعمة للأطفال، وحتى أنها قدمت معدات ومساعدات طبية. “عندما احتدم القتال، قدم متطوعو الـ FAI علاجا أوليا للجرحى، ونقلوهم إلى إسرائيل، لتلقي علاج في مستشفياتها. لقد أجرى طاقم المتطوعون عمليات ميدانية منقذة للحياة. شهدنا تعاونا هاما وخاصا، وقد وصل طاقم مسيحي إلى دولة مسلمة عبر حدود دولة يهودية”، قال اللواء سرغي كوتيكوف، طبيب سابق في مديرية “حسن الجوار”.
في حزيران 2107، دخل المتطوعون إلى القرية السورية الأولى. “للمرة الأولى، اجتزنا الحدود الإسرائيلية في الجولان. لم يعرف أحد كيف يُنظر إلى متطوعي المنظمة المسيحية الذين يجتازون دولة يهودية وهم في طريقهم إلى منطقة إسلامية”، قال توماس. “أردنا معرفة احتياجات المواطنين، وعرفنا أن ليس هناك أطباء، معدات طبية أولية، كهرباء، ومياه. كانت إسرائيل مصدر الحياة الأولي بالنسبة للسوريين. فقد قدمت لهم مولدات كهرباء، طاقة، أطعمة، أدوية، وكل الاحتياجات الأساسية. لولا المساعدات الإسرائيلية لكان وضع السوريين أسوا”، قال توماس. “كان علينا اتخاذ قرارات طبية تستند إلى نقص المعدات الطبية، كما وأجرينا عمليات قيصرية دون أدوية أو معدات تقريبا”.

وصل متطوعو الـ FAI تحديدا من شمال وجنوب أمريكا: البيرو، البرازيل، السلفادور، الولايات المتحدة، كندا، وأستراليا، ونيوزيلاندا. الآن بعد أن سيطرت قوات الأسد على المنطقة، أنهت مديرية “حسن الجوار نشاطاتها، وغادر متطوعو الـ FAI القرى السورية، وسيقدمون المساعدات للمواطنين في مناطق قتالية أخرى.
“حاولنا إقامة تعاوُن مع نظام الأسد. لم يتغير الواقع في سوريا، فهي ما زالت تشهد نقصا في الأطباء الخبراء، والمراكز الطبية لتقديم المساعدات”، قال اللواء كوتيكوف. “اقترحنا تقديم المساعَدات الإسرائيلية، ولكن يرفض السوريين هذا الاقتراح”.