وافق الكنيست الإسرائيلي على اقتراح قانون لرفع سنّ الزواج، وذلك، من بين أمور أخرى، على خلفية بيانات الأمم المتحدة، التي اكتشفت أنّ في إسرائيل هناك نسبة عالية وصادمة من الفتيات اللواتي يتزوّجن قبل سنّ التاسعة عشرة. وتتعزّز هذه الأرقام بسبب زواج الشبّان والشابات سواء في الوسط العربي أو في الوسط الحاريدي اليهودي. ومع ذلك، فإنّ المعطيات في دول العالم الثالث أكثر صعوبة، وتُظهر التقارير التي نشرتها الأمم المتحدة بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية هذا الشهر صورة حزينة.
واحدة من بين كل ثلاث فتيات في العالم الثالث تتزوج قبل سنّ 18، وواحدة من كل تسع فتيات تجد نفسها متزوجة قبل وصولها إلى سنّ الخامسة عشرة، وهو زواج عادة ما يشتمل على الاعتداء الجنسي الاغتصاب بسبب عدم النضج الجنسي للعرائس الصغيرات.
إنّ إتمام الزواج، أي: ممارسة العلاقة الجنسية مع القاصرات، يؤدي إلى أن تصبح مليون فتاة تحت سنّ الخامسة عشرة حاملا في جميع أنحاء العالم كلّ عام، وعادة ما تتعقّد هذه الولادات، لأنّ جسد العرائس الصغيرات ليس مستعدّا بعد للحمل. وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإنّ خطر أن تتوفى الفتيات خلال الحمل والولادة أكبر خمسة مرات من المرأة البالغة، والفتيات اللواتي يبقين على قيد الحياة يعانين من العديد من التمزّقات الجسدية بدرجة 3-4.
وسوى المخاطر الصحية والتكاليف النفسية التي تدفعها الفتيات اللواتي يتزوجن في سنّ مبكّر جدا، يظهر في تقرير الأمم المتحدة أنّ 60% من الفتيات اللواتي تزوجن لم يتلقّين أي نوع من التعليم الرسمي. تأتي معظمهنّ من أسر فقيرة، لم ترسلنهنّ إلى المدرسة من البداية، ولكن أيضًا الفتيات اللواتي التحقن في إطار تعليمي معين، يترك معظمهنّ التعليم فورا بعد الزواج.
طفلات، لاجئات، عرائس سوريات ضد إرادتهنّ
تستمر الأزمة الخطيرة التي بدأت في سوريا في شهر آذار عام 2011 في قتل الكثير من المواطنين في كل يوم يمرّ. بالإضافة إلى ذلك، فقد اضطر مئات الآلاف من السوريين على ترك منازلهم وأوطانهم والانتقال إلى بلدان مجاورة، وخصوصا تركيا والأردن، حيث سكنوا هناك في مخيمات أقيمت من أجلهم. ولكن، في الفترة الأخيرة، تم الكشف عن جانب آخر في الأزمة الإنسانية الصعبة التي تواجه اللاجئين السوريين. وهي ظاهرة تدعى “زواج السترة”، والذي يتزوج الرجال في إطاره من لاجئات سوريات، حيث إنّ معظمهنّ فتيات صغيرات في سنّ 12-16، وذلك بذريعة خلاصهنّ من ظروف الحياة الصعبة في مخيّمات اللاجئين و “المساهمة في الثورة السورية”.
ويظهر من التقارير الصادرة عن الإعلام العربي أنّ حالات كهذه تحدث في الأردن، تركيا، ليبيا وفي دول أخرى، وأن المسلمين من أنحاء العالم العربي يأتون للدول المجاورة لسوريا من أجل البحث عن امرأة لهم من بين الفتيات السوريات في مخيّمات اللاجئين السوريين. بل وورد في بعض التقارير بأنّ بعض رجال الدين المسلمين يشجّعون هذه الظاهرة، ويعرّفونها بأنها “واجب وطني” بل ويشاركون بها بأنفسهم.
أدى الكشف عن الظاهرة في الإعلام العربي مؤخرا إلى موجة من الانتقادات الشديدة سواء داخل المجتمع السوري أو في العالم العربي. أطلق نشطاء سوريون وعرب حملة ضدّ هذه الظاهرة بل وبادروا إلى حملة في الفيس بوك. وفقا للناشطين، فهي استغلال للحالة الصعبة للأسر السورية في مخيّمات اللاجئين، وخصوصا في الأردن وتركيا، من أجل توفير الجشع الجنسي لدى الرجال بثمن بخس، حيث تفضل العائلات السوريات أن تتزوج بناتها الشابة من كل رجل يرغب بذلك مقابل مهر متواضع جدا، لإخراجهن من المخيم والحفاظ على كرامتهن. وذكر الناشطون حالات زواج طفلات سوريات مع رجال كبار في السنّ، وعن حالات اغتصاب واستدراج النساء للزنا في أعقاب هذا الزواج، بالإضافة إلى المنافسة في الإنترنت بين الرجال العرب من دول مختلفة للحصول على النساء السوريات.
ومن الجدير ذكره أنّه على الرغم من الضجيج الإعلامي الذي حظيت به هذه الظاهرة، فمن غير الواضح ما هو نطاقها. من جهة، فهناك نشاط من قبل سوريين وعرب ضدّ هذه الظاهرة، بل وشواهد على محاولات من قبل دول للقضاء عليها. ومن جهة أخرى، هناك من ينكر وجود هذه الظاهرة ويقول إنّها حالات قليلة فقط. وهناك من يرى بأنّ تضخيم الموضوع في الإعلام هو محاولة من النظام السوري للإضرار بالثورة وأنصارها.