“يمكنك ملاحظة شخص “متروسكشوال” من اللحظة التي تراه فيها، لأنه بمجرد أنك داومتَ على النظر إلى رجل ما فهو من هذا النوع”، كما كتب مارك سيمبسون في المجلة الإلكترونية “Salon.com” في تموز 2002، وذلك في تقرير حاول من خلاله تسليط الضوء على ظاهرة الرجل المتروسكشوال، من خلال تناول شخصية لاعب كرة القدم، دايفيد بكهام – رمز “المتروسكشوال”.
حسب التعريف الأشمل، المتروسكشوال هو الشاب الذي يمتلك الكثير من المال لإنفاقه، الذي يعيش في المدينة أو بجوارها، لأنه يحرص على أن يكون قريبًا من أماكن التسوق والمحال التجارية، مصفف الشعر، النادي الرياضي، المطاعم والبارات التي يحرص على أن يزورها، وهو رمز من رموز المدينة وشخص يحرص على الاهتمام بحياته، بجسده، بشرته، شعره، عضلاته، طعامه، وملابسه وغيرها.
التعريف
مصطلح “متروسكشوال” هو دمج بين كلمتين “الهتروسكشوال” (المنجذب إلى الجنس الآخر) و “متروبولين” (وهي مجموعة من البلدات التي في مركزها مدينة كبيرة تعمل على تقديم وتوفير الخدمات). إن الفكرة الأساسية وراء هذا المصطلح هي العوامل الأساسية القائمة على التعامل بحساسية، بالإضافة إلى الإنفاق على الاعتناء بالبشرة والجسد، وهي مسائل كانت تقتصر سابقًا على النساء، ولكنها تحوّلت إلى أمور يهتم بها الرجال أيضًا.
استخدَم الصحفيُّ البريطاني مارك سيمبسون هذا المصطلح أول مرة عام 1994 في تقرير نشره في صحيفة “Independent”. بدأ المصطلح يلقى رواجًا في الصحيفة الإلكترونية “Salon.com”. واهتم هذا التقرير بشخصية اللاعب الأسطورة، دايفيد بكهام، الذي يًعتبر رمز ظاهرة “المتروسكشوال”.
الأمر يصبح عاديًّا
كان للدعاية والإعلان دور مهم وبارز في ولادة النموذج الجديد من الرجال. يؤكد مختصون في مجال التسويق والإعلان أن هذا النموذج ليس نموذجًا خياليًّا، لأنّ المستهلِك الخيالي لا يقوم بشراء المنتوجات، إذ يتضح من الدراسات التي يتم أجراؤها في مجال التسوّق أن هناك تزايدًا في عمليات شراء مستحضرات التجميل والعناية المخصصة للرجال. وتؤكد مواصلة المعلنين إطلاق الحملات الإعلانية التي توجه إلى هذا العنصر والمستهلك الجديد في السوق، وأيضًا تزايد عدد الإعلانات الموجهة إلى هذا النموذج الجديد من الرجال، أن هناك الكثير من الحقيقة حول ما نشر عن هذا الموضوع.
“المتروسكشوال” موجود في كل مكان – في تقارير الإعلام، في النوادي الرياضية، المطاعم الفاخرة، ومحال الشبكات الرائدة في مجال الملابس الرجالية. ويبدو أن الرجل الإسرائيلي على اطّلاع، وقد بدأ بالاهتمام ليس فقط في النظارات الشمسية، الساعات، والملابس والإكسسوارات ـ وإنما أيضًا بمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة التي كانت حتى فترة قريبة قصرًا على النساء. وقد بات العديد من الشركات يهتمّ بإنتاج منتجات عناية للرجال مثل النساء، ويقوم بالإعلان عنها، رغم عدم فعل ذلك من قبل.
وإذا لم يكن ذلك كافيًا، ففي دراسة أجريت على 3000 رجل (عام 2010)، يتضح أن زمن الاستعداد والاهتمام بالأمور التجميلية لدى الجنس الخشن يزيد على الاستعداد والاهتمام بنفس الأمور لدى الجنس اللطيف. وأسقطت هذه الدراسة الفكرة النمطية حول الاختلاف بين النساء والرجال. فقد أثبتت الدراسة أن الرجال يقضون حوالي 83 دقيقة في العناية بالبشرة واختيار الملابس قبل الخروج من المنزل، في الوقت الذي تكتفي فيه النساء بـ 79 دقيقة فقط. وكشف الاستطلاع الذي أجري في بريطانيا، أن الوقت الذي يتم تخصيصه للاستعداد قبل الخروج من المنزل، يتضمن أيضًا الاهتمام بالشكل، الاستحمام، القيام بدهن الكريمات، تصفيف الشعر، الحلاقة، وبالتأكيد اختيار الملابس الأفضل.
وتخبر الدراسة أنّ الرجال يقضون 23 دقيقة في الاستحمام، مقابل 22 دقيقة متوسط كمعدّل للنساء في الاستحمام. الرجال يقضون 18 دقيقة في حلاقة الذقن، أما النساء فلا تتجاوز عملية حلاقة الرجلَين والإبطين لديهنّ سوى 14 دقيقة. أما تنظيف الوجه ودهن الكريمات فيستغرقان 10 دقائق لدى الشبان مقابل 9 دقائق لدى الفتيات. ويتفوق الرجال على النساء أيضا فيما يتعلق باختيار الملابس، ففي الوقت الذي تقضي فيه النساء حوال 10 دقائق في اختيار الملابس، فان الرجال يحتاجون إلى 13 دقيقة من أجل فعل ذلك.
الأملس أجمل، كثير الشعر فظّ
تشهد السنوات الأخيرة ارتفاعًا في عدد الرجال الذين يهتمون بتلقي علاجات تجميلية. فإذا كان الرجال في السابق يهتمون فقط بكرة القدم، فإنّ المزيد منهم يهتمون اليوم بمظهرهم الخارجي ويطرقون أبواب مراكز إزالة الشعر. وتُعدّ إزالة الشعر في الصدارة بين الشبان والرجال، ولا سيما كثيري الشعر، ويستمرّ الأمر في الازدياد. ووفقًا لمراكز العناية، فإنّ هناك ارتفاعًا في نسبة الرجال الذين يتوجهون إلى تلك المراكز. وتقترب نسبة الرجال الذين يخضعون لإزالة الشعر بسرعة من نسبة النساء.
موضة الصلع، الشيب ليس لي!!!
صحيح أنه ليس هناك حلّ حتى الآن لتساقط شعر الرجال، لكنّ رجالًا عديدين يعانون من هذه المشكلة بدؤوا بحلاقة رؤوسهم. وُلدت هذه “الموضة” في الولايات المتحدة عام 1980. في البداية قام بذلك بطل كرة السلة، مايكل جوردان، وبعد ذلك انتشر هذا الأمر بصورة كبيرة وسريعة في أنحاء مختلفة من العالم. ولم تعد “الصلعة” إشارة إلى التقدم في العمر، بل أصبحت من الأمور التي يفضلها الشباب. ومن اللحظة التي تحولت فيها عملية حلاقة الرأس إلى نوع من أنواع “الموضة”، أدرك الرجال الإيجابيات الكثيرة لهذه الصرعة الجديدة: في البداية، لن يشيب الشعر، لا مشكلة الشعر الرطب بعد الاستحمام، ويمكن توفير أجرة تصفيف الشعر. مع ذلك، ثمة مساوئ منها إمكانية تعرُّض الشخص الذي يحلق رأسه إلى ضربة شمس، كما أن بعض النساء يفضلن رؤوس الرجال المليئة بخصل الشعر المميزة.
وعلى النقيض تمامًا: الشعر الأبيض هو جزء لا يتجزأ من عملية التقدم في السن. وفيما كان يُنظر إلى الشيب في الماضي كدليل على الخبرة والحكمة، أصبح اليوم إشارة إلى التقدم في السن وعدم العناية والترتيب. وفي ظل العصر الجديد الذي يقدّس الشباب، فلا عجب أنّ الكثير من الشائبين لا يرغبون في الظهور ككبار في السن، فيحاولون إخفاء الشيب باستخدام الصبغة. ويعرض سوق الصبغات اليوم على ذوي الشعر الأبيض العديد من الألوان والمستحضرات المتقدمة لصبغ الشعر. ويلجأ العديد من الرجال إلى مصففي الشعر من أجل الخضوع لعلاج خاص يعيد الشعر إلى ما كان عليه، ومعالجة الاصفرار الناجم عن أشعة الشمس وعوامل الطبيعة.
الحقيبة “أنيقة”
تنمو صناعة الأزياء الرجالية بصورة متسارعة للغاية. وتنضم إلى البنطال والقميص والأحذية البسيطة، مجموعة من المنتجات ذات الصلة، لن يتخلى عنها الرجل “المتروسكشوال”: الساعات والأساور والخواتم، وربطات العنق من مختلف الألوان والأشكال، السترات والأحزمة والحقائب والقبعات. والتشكيلة واسعة وبألوان مختلفة حسب الفصول.
الصبغة، تصفيف الشعر، تشذيب الأظافر والعناية بالأقدام، العلاجات التجميلية، تصميم الحواجب والعديد من الأمور الأخرى. الرجل “المتروسكشوال” ينفق الكثير من المال من اجل الاهتمام بنفسه أكثر مما كان عليه في السابق، ويمكن أن نرى ذلك بوضوح من خلال الزيارات المتكررة إلى مصففي الشعر، وأيضا الزيارات التي يقوم بها إلى محلات الملابس ومحلات بيع العطور والكريمات والبحث عن مزيد من الأمور الإضافية. لا ريب أن الاختلاف بين النساء والرجال في مجال العناية والاهتمام بالنفس يتقلص شيئا فشيئا. المتطلبات والتطلعات متشابهة. وبالنسبة لمقدمي الخدمات من خبراء تجميل، مصففي شعر، لا فرقَ بين الخدمة المقدّمة للرجال أو للنساء.