كان اللقاء بين الفرسان المسيحيين والرماة المسلمين في ساعات الظهيرة. وكانت درجة الحرارة خارج السيارة المكيّفة أكثر من 30 درجة مئوية، وهو ليس تمامًا طقسًا ملائمًا لارتداء الدروع، الجزم والخوذة الواقية. ولكنّ الصليبيين لم يخفّفوا عن أنفسهم. لقد ارتدوا معدّات يصل وزنها إلى 20 كيلوغرامًا في الحرّ الشديد في شهر تموز، وخرجوا لقتال المسلمين، تمامًا كالصليبيين الأصليين، الذين خسروا في معركة الأرض المقدسة مع صلاح الدين وجيشه، في مثل هذا الأسبوع تمامًا قبل 827 سنة.
هناك من يرى في هذا اللباس ليس فقط على أنه أحد أسباب الهزيمة النكراء، ولكنه يرمز أيضًا إلى عدم انتماء الصليبيين للمنطقة. لقد كانوا أوروبيّين من أبناء القرن الثاني عشر، وعلى هذا النحو كانوا أسرى لتصوّرات حول ما هو الزيّ المناسب للمعركة، حتى في صيف الشرق الأوسط. صلاح الدين انتهى من ارتداء الملابس تمامًا. وكانت ملابسه تلائم المناخ والمنطقة أكثر بكثير: سراويل قطنية طويلة ورقيقة نسبيًّا، وشاح ملفوف حول رأسه. وكان ينتعل جزمة جلدية حتى الركبتين.
هذا المشهد الغريب بين مقاتلين صليبيين ومقاتلين في الجيوش الإسلامية ليس مشهدًا نادرًا بشكل خاصّ في إسرائيل في السنوات الأخيرة. كلّ عام، في تاريخ المعركة الأصلية، يخرج المعسكران ببضع عشرات من الناس لإعادة تمثيل المعركة الشهيرة في تاريخ المنطقة: معركة حطين. يعلم بعض الأعضاء المشاركين في حدث إعادة التمثيل التاريخي، في نوادي المبارزة والرماية ويسعون كلّ عام للمشاركة في حدث إعادة تمثيل الرحلة للمعركة الشهيرة. ومن المعلوم أن الصليبيين هم المبارزون، وأنّ المسلمين هم أعضاء نادي الرماية.
اشتملت إعادة التمثيل نفسها على رحلة من يومين. يقوم جزء من المشاركين بالمعركة وهم يمتطون الخيول ومعظمهم مشيًا على الأقدام، وذلك في أعقاب المسار الأصلي الذي سار به الصليبيّون يومئذ في 3و 4 تموز عام 1187. لقد خرجوا من ينابيع صفورية باتجاه طبريّا، حتى وصلوا إلى حطّين، جبل صغير مع نتوءين، وهناك جرت المعركة التاريخية. على مدى العملية كلها – بدءًا بمسار الرحلة، مرورًا بتجهيز المعدّات، الملابس، الأحذية، الإكسسوارات والأسلحة – يكون الجميع أوفياء لروح القرن الثاني عشر ويجري التنفيذ في الميدان على أساس الدراسات التاريخية لتلك الفترة.
إليكم بعض الصور من إعادة التمثيل: