انضم لاعب جديد إلى اللائحة الطويلة للمشاركين في حمام الدماء في سوريا – فلاديمير بوتين. هل سيُغيّر هذا اللاعب وجه المعركة؟ هل هو قادر على إعادة السلطة المطلقة في سوريا إلى الأسد، وهل سيؤدي بهذا إلى إنهاء سفك الدماء؟
يستعمل بوتين الوسائل الضرورية: طائرات، مروحيّات، صواريخ، سفن حربية ومعدّات لوجستية – لكن هل تكفي كل هذه الوسائل؟ هل ستكون هنالك حاجة أيضًا إلى قوات برية من أجل إتمام المهمة وهل الرئيس الروسي على استعداد لخطوة كهذه؟ يجب الافتراض أن كل هذه الأمور ستكون واضحة في الأسابيع القريبة. الأمر الواضح منذ حاليًّا هو أن بوتين مصمم على ترك بصمته على هذه الحرب، والتي يبدو أن لا نهاية لها.
من الممكن أن تكون رغبة بوتين هي تحويل الاهتمام المركّز على الورطة التي دخل فيها في أوكراينا، وقد يريد أن يُثبت أن روسيا تحت قيادته هي دولة عظمى مثل الاتّحاد السوفياتي في وقته، ولكن الهدف المُعلن لأعماله هو إعادة السيطرة في سوريا إلى الأسد. فقد ينجح بذلك، بالتعاون مع إيران. عندما نأخذ بالحسبان مئات آلاف القتلى السوريين في السنوات الأخيرة، وحشود اللاجئين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، يمكننا تقريبا أن نستنتج أن أي شيء هو أفضل من الوضع الراهن. وكذلك من نظام الأسد الدكتاتوري. فهناك معضلة أخلاقية حقيقية.
ماذا بالنسبة للعراق؟ هل كان وضع الشعب العراقي أفضل تحت حكم صدام حسين، على الرغم من الفظائع التي ارتكبها – استعمال السلاح الكيميائي ضد الأكراد العراقيين، اجتياح الكويت وإطلاق الصواريخ على إسرائيل؟ من الصعب المعرفة، على ضوء سفك الدماء في العراق منذ سقوط نظامه على يد الولايات المتحدة والمذابح اليومية التي تحدث هناك. هل ليس هناك بديل لنظام دكتاتوري دون رادع في المجتمعات التي تفتقر إلى التقاليد الديمقراطية وإمكانية إقامة مؤسسات نيابية، تحظى بشرعية الجزء الأكبر من الجمهور؟
هذه الأسئلة ذات علاقة بعلاقات إسرائيل مع جيرانها أيضا. وقّعت إسرائيل على اتفاقيات سلام مع مصر والأردن، وتسود في كلاهما أنظمة ليست ديمقراطية. قد يكون استمرار علاقات السلام مع هاتين الدولتين متعلقا ببقاء هذه الأنظمة. كانت إسرائيل قريبة من إحراز اتفاق سلام مع سوريا في عهد حكم والد بشار الأسد. على خلفية الأحداث الراهنة، من الصعب الافتراض أنه لو تحقق اتفاق سلام، كان سيدوم في خضم هذه الفوضى المستمرة في السنوات الأخيرة.
أفضلية الديكتاتوريين هي، أنهم يشكلون عنوانا. يمكن التفاوض معهم، تهديدهم وصنع السلام معهم. لا تتميز الفوضى السياسية التي تملأ مكانهم بهذه الأفضليات. إذا كان الأمر كذلك، هل سيتحسن وضع إسرائيل فيما إذا نجح بوتين في إعادة القوة إلى الأسد؟ هل سيتحسن وضع الشعب السوري؟ إسرائيل أيضا، مثلها مثل ديمقراطيات أخرى، تتخبط بهذه المعضلات الأخلاقية.
يجب على المواطنين العرب في إسرائيل، المستفيدين من الديمقراطية التي تسودها سلطة القانون، التطرق إلى هذه الأسئلة الأخلاقية أيضا. انظروا إلى التحالف غير المقدس بين الشيوعيين والإسلاميين المتشددين، والذين يسيرون بأيدي متشابكة في الناصرة حاملين أعلام فلسطين. إنهم يتجاهلون المذابح الجارية في سوريا، ويظهرون دعما لحاملي السكاكين، من منطلق الادعاء الكاذب أن إسرائيل تنوي هدم المسجد الأقصى، وهو ادعاء ينشره الشق الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل. إن دعمهم للإرهاب يُسبب ضررا كبيرا للفلسطينيين أكثر بكثير من الضرر الذي سيلحق بإسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الأمر يؤدي إلى زعزعة العلاقات بين المواطنين العرب واليهود. إذا كانوا يعتقدون، أن الأعمال الإرهابية ستُساعد على إقامة الدولة الفلسطينية، فإنهم يخطئون خطأ فادحا. لقد تعلم هذا الدرس محمود عباس.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة “هآرتس“