قصة حقيقية: من الصعب على الإنسان أن يعتقد أنّه في لحظة معيّنة قد يتغيّر كلّ عالمه من النقيض للنقيض. العجز الإجمالي الذي يشلّه ويحوّله لشيء لم يأمل بنفسه أن يعيشه.
ما بدأ كرحلة في جبال العراق – كردستان، انتهى في 781 يومًا في السجن. ثلاثة سائحين أمريكيين، عبروا عن طريق الخطأ الحدود الإيرانية عام 2009 وتمّ سجنهم لمدّة أكثر من عامين، يحكون الآن عن تجربة السجن في طهران بسيرة ذاتية جديدة. اثنان من الثلاثة؛ شين باور وسارة شورد، يستعيدان الخطبة في السجن، الثالث؛ جوش فتال، يكشف أنّ معتقليه قد علموا بأنّه يهودي.
انتهت القصة في الواقع قبل نحو عامين (أيلول 2011) بضجيج إعلامي كبير: تمّ إطلاق سراح الأمريكيين الذين سجنوا في إيران بتهمة التجسّس بكفالة، وتمّ نقلهم إلى السفارة الأمريكية في سويسرا، ومن هناك للولايات المتحدة.
بدأت كلّ القصّة برحلة روتينية لثلاثة أصدقاء إلى المنطقة الحدودية في كردستان، وكان الطريق هو المشكلة: “لم نكن نعرف خلال الرحلة أنّنا وصلنا إلى الحدود الإيرانية – العراقية. حين دعانا الحارس أتينا، وحينئذ أدركنا أنّنا في المكان الخطأ، لم نكن ننوي التواجد هنا”، هكذا استعاد أحد الأصدقاء القصة، وهو جوش فتال، والذي يحمل والده – من بين أمور أخرى – الجنسيّة الإسرائيلية.
في المقابلات الإعلامية والسيرة الذاتية التي كتبها هو وصديقيه عن تجربتهم في السجن الإيراني، قال فتال بأنّ الإيرانيين علموا بأنّه يهودي، على الرغم من أنّه لم يتمّ الكشف عن الأمر حتّى خروجه من السجن. قال فتال: “لقد كنت خائفًا جدّا في الأشهر الأولى؛ يهودي والده إسرائيلي في السجن الإيراني، ولكن في مرحلة معيّنة فهمت الأمر”، كانوا يعرفون بالفعل. إنْ كانوا يريدون فعل شيء لقاموا به”.
تتحدّث شورد في السيرة الذاتية، “A Sliver of Light”، عن حقيقة كون الثلاثة متواجدين في إيران، وهي دولة عدوّة. “اكتشفنا أن المسار الذي قمنا به كان على طول الحدود، وحينئذ حين نادانا الحرّاس، فقد قاموا فعليّا بدعوتنا لعبور الحدود لإيران”، هذا ما قالته شورد عن سوء الفهم الذي أدى إلى عامين من الحبس في السجون الإيرانية.
قضت الشابّة الأمريكية أشهرًا طويلة منعزلة في نفس السجن. “تؤدّي العزلة إلى حالة صعبة من العيش. قضيتُ ساعات طويلة في اليوم راكعة عند فتحة الباب حيث يتم إدخال الطعام من خلالها، أستمع إلى الأصوات في الخارج، فقط كي لا أشعر بالوحدة كثيرًا. حاولت الحفاظ على الهدوء، ولكن كانت هناك أوقات فقدت فيها السيطرة، صرختُ وضربتُ على الجدران”.
وربّما تكون اللحظة الأكثر إثارة للمشاعر، باستثناء إطلاق سراحهم، هي الخطبة بين شورد وبأور (الصديق الثالث)، حيث تزوّجا منذ ذلك الحين. قال باور: “لم أرغب بعرض الزواج منها في السجن. ولكن بدأنا ندرك بأنّه سيُفرج عن سارة قبلنا، وقرّرت أن أعرض عليها الزواج لأنّني لم أعلم متى سأراها مجدّدًا”. “أردت أن تعرف، فأخذت خيطا من منشفتي وبعض الملابس وقمت بصناعة خاتم. خرجت للجناح المفتوح في السجن، اختبأتُ من الكاميرات بحيث لا يرانا الحرّاس، وعرضت عليها الزواج”.
قالت شورد، التي أفرج عنها وعادت إلى الولايات المتحدة قبل عام من باور وفتال، إنّه كان أمرًا “فظيعا” أن تترك خطيبها وصديقًا آخر داخل السجن. “حين اكتشفت لأول مرّة أنّه سيُفرج عنّي، رفضت. ثمّ أدركت بأنّه يمكنني صناعة التغيير؛ وخلال سنة قطعت البلاد من أجل المساعدة بأي طريقة ممكنة”.
التقتْ مع رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما ورئيس إيران حينذاك محمود أحمدي نجاد، بمساعدة الممثّل السينمائي شون بن، نجحتْ في تأمين إطلاق سراح باور وفتال. “لعب بن دورًا مهمّا جدّا، حيث دفع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي توفي منذ ذلك الحين، للاتصال بأحمدي نجاد والتحدّث معه حول الموضوع. كان بين شافيز وبن علاقات ممتازة، واستطاع شافيز أن يقنع أحمدي نجاد بالموافقة على إطلاق سراحهما”.