في تقرير جديد، يحمّل البنك الدولي إسرائيلَ مسؤولية تعلّق السلطة الفلسطينية المفرِط بالتبرّعات الخارجيّة، بسبب سياسة التضييق والمنع التي تنتهجها في الضفة الغربية، ويربط مباشرةً بين حُكم القيود الذي طورته إسرائيل في مناطق C وبين ضعف القطاع الخاصّ الفلسطيني. وجاء في التقرير: “مفتاح الازدهار الفلسطيني كان ولا يزال التخلُّص من هذه القيود الإسرائيليّة، عبر أخذ أمن إسرائيل في الاعتبار”.
وكُتِب في التقرير الذي نُشِر قبل نحو أسبوع (2 تشرين الأول 2013)، أنّ النموّ في النشاط الاقتصاديّ سيُتيح زيادةً فورية لدخل السلطة من الضرائب، التي ستبلغ نحو 800 مليون دولار، وفق حسابات البنك. وبذلك، يتقلص العجز المالي للسلطة إلى النصف تقريبًا، ما يخفض بشكل فوريّ الحاجة إلى دعم المتبرعين في الموازنة الجارية.
وليست هذه المرة الأولى التي يتطرق فيها البنك الدولي إلى القيود الإسرائيلية على النشاط الاقتصادي الفلسطيني في مناطق C، مناطق تحت السلطة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية. مع ذلك، فقد خشيت الدول الداعمة والسلطة الفلسطينية عبر السنين من محاولة التخطيط هناك لمشاريع واسعة النطاق وكذلك مشاريع أصغر والاستثمار فيها، لعلمهم بأنّ إمكانيّة نيل مصادقة إسرائيلية للبناء والتطوير منخفضة، إن لم تكن ضئيلة.
ويوجّه التقرير أيضًا انتقادًا للمنظمات الفلسطينية غير الحُكومية وأجهزة السلطة لإهمال مشاريع اقتصاديّة في مناطق C والتركيز الزائد على مناطق A و B.
يُذكَر أنّ الناتج القومي الفلسطيني الإجمالي انخفض عام 2012 من 9% في السنة (2008 – 2011) إلى 5.9%. وفي النصف الأول من عام 2013، استمرّ في الانخفاض ليبلغ 1.90% . كذلك قلصت الدول الداعمة والمانحة للسلطة تبرعاتها بشكل كبير. وكان رئيس الحكومة الفلسطينية الجديد، رامي الحمد الله، قد طلب الشهر الماضي من هذه الدول نحو نصف مليار دولار لمواصلة دفع الرواتب لموظّفي السلطة والقوى الأمنية، وللتمكّن من مواصلة إدارة السلطة.
ويفصّل التقرير عددًا من القيود الهامة التي تمسّ بالقطاعات الاقتصاديّة، وتضعف كثيرًا القدرة الفلسطينية على المنافسة أمام المزارعين، المنتجين، وشركات الاتصالات الإسرائيلية. مثلًا، يلقي التقرير اللوم على إسرائيل لانخفاض الإنتاجية في الزراعة الفلسطينية في مناطق C، أسعار الشقق المرتفعة في الضفة الغربية، والنفقات المبالَغ فيها لشركات الاتصالات، وبالتالي – الأسعار المرتفعة التي تجبيها من زبائنها الفلسطينيين.
قبل نحو نصف عام، في آذار 2013، نشر البنك الدولي تقريرًا آخر عنوانه “تحدّيات مالية وثمن اقتصادي بعيد المدى”، أوجز فيه العقبات الماليّة التي ميّزت السنة الاقتصاديّة التي مرّت على الفلسطينيين: مماطلة في نقل التبرُّعات الموعودة بها السلطة، نفقات أكثر مما هو مخطّط وجباية أقل من المتوقّع للضرائب، ديون مرتفعة على السلطة للبنوك والمزوّدين، تأخير نقل أموال الضرائب من إسرائيل إلى مالية السلطة، مماطلة في دفع الرواتب، وموجات إضرابات واحتجاجات. إضافةً إلى هذه العوائق، يحدّد التقرير أنّ الاقتصاد الفلسطيني فقد من قدرته على المنافسة منذ سنوات طويلة، ما سيؤثّر حتمًا في أداء الدولة العتيدة.