بعد مرور عامين منذ أن قدّر وزير الدفاع الإسرائيلي أن نهاية الأسد وشيكة – لا يزال الأسد حيًّا يرزق متربعًا على عرشه. بفضل من ما زال نظام الرئيس السوري قائمًا، وهل ستُحسم الحرب الأهلية السورية في العام القادم؟
لقد تحوّلت الثورة الشعبية التي اندلعت في سوريا في شهر آذار من عام 2011 إلى حرب أهلية، ولا تبدو نهايتها قريبة. ليس بمقدور أي من الأطراف – قوات بشار الأسد ومختلف الأحزاب الثائرة ضده – السيطرة على الطرف الآخر. حتى في العام الثالث للثورة في سوريا، لا يزال النظام قادرًا على الاحتفاظ بالسيطرة على جزء كبير من مركز الدولة، في الوقت الذي يرتكز فيه على الائتلاف التقليدي الذي أسسه حافظ الأسد.
يسلط التقرير الذي يحلل صورة الوضع الحالي في سوريا، والذي تمت كتابته من قِبل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الضوء على الجهات التي يسيطر بفضلها بشار الأسد يائسًا على النظام. أولا وقبل كل شيء، حسب ما ذُكر في التقرير – يتوجب على الأسد أن يتقدم بالشكر إلى الجيش السوري، الذي على خلاف الجيش المصري، لم يتخلى عن النظام، على الأقل حتى الآن: “لقد التزم الجيش وخدمات الأمن بالولاء للنظام، رغم تسجيل نسب كبيرة من الانشقاق. الأمر مخيف، باعتبار أن الجيش في سوريا يرتكز على التجنيد الإجباري، بما معناه أن أصل معظم الجنود هو سُني”. رغم ذلك، فإن تقديرات المحللين هي أنه قد تمت تعبئة وحدات الجيش الهامة من قبل النظام بالجنود والضباط من أصل علوي، من أجل ضمان الولاء.
يذكِّر التقرير أن أجهزة الاستخبارات ووسائل الإعلام في الغرب – وفي إسرائيل أيضًا، قد أخطأت في تقييم قدرة صمود النظام السوري. لقد كانت التقديرات في المرحلة الأولى من الثورة، من خلال تأثير الأحداث في مصر وتونس، أن نهاية الأسد باتت قريبة (كما ذُكر آنفا، لقد تنبأ وزير الدفاع الإسرائيلي في تلك الفترة، إيهود باراك، عام 2011 أن الأسد سينهار في غضون وقت قصير).
إن نجاحات الجيش السوري في الانتقال بسرعة من التأهيل لمواجهة الجيش الإسرائيلي، إلى مواجهة الثورة الشعبية، وفيما بعد إلى مواجهة الميليشيات، تمت بواسطة تأهيل مجدد للجنود وإنشاء ميليشيا علوية، بمساعدة من إيران وحزب الله، اللذين زوّدا النظام السوري بمساعدة قيِّمة عن طريق تقديم الاستشارة، التدريب، والمعدّات المناسبة.
لقد نجح النظام، إذ كان الأمر كذلك، في الحفاظ على سيطرته على المركز، وخاصة على محور دمشق – حمص – منطقة الشاطئ، في حين سيطر الثوار على أراضٍ واسعة على الحدود، حيث يدور نزاع دائم على المدينة الهامة حلب، ويسيطر كل جانب على أجزاء منها.
النزاع على القصير – نقطة التحوّل – بفضل حزب الله
حسب ما تبدو الأمور الآن عليه في سوريا، يمكن فقط لتدخل خارجي أن يغيّر موازين القوى بين الأطراف، كما حدث فعلا في النزاع على القصير في شهر حزيران من عام 2013. التقديرات هي أن حزب الله قد أرسل إلى ساحة المعركة أكثر من ألف مقاتل، حاسمًا بذلك المعركة فعلا، وكابحًا الشعور بأن النظام سيلقى انتكاسة. رغم ذلك، إن الشعور الذي ساد بعد القتال في القصير، كما لو أن هذه هي نقطة تحوّل ستقود الأسد إلى النصر، قد تلاشى، من بين أمور أخرى بسبب الخسائر التي مُني بها حزب الله في القتال إلى جانب قوات الأسد، والضغوطات السياسية التي تم تشغيلها عليه من داخل لبنان، والتي أدت إلى اتخاذ قرار بتقليص تدخله في المعارك.
لقد أكسبت قضية السلاح الكيميائي الأسد وقتًا إضافيًا: ثمة الآن مصلحة للجميع في ضمان صموده، من أجل التأكد من أنه يتم إجراء تفكيك منظم للسلاح الكيميائي، وأنه لا يقع في حوزة الجماعات الإرهابية. لقد تحوّلت إبادة السلاح الكيميائي، بذلك، إلى شهادة تأمين بالنسبة للنظام، لفترة محدودة على الأقل.
يقدِّرون في INSS أن الحرب الأهلية السورية ستمتد لوقت أطول وليس واضحًا حتى الآن، من سيكون في الجانب المنتصر: الأسد، الثوار، أم أنه سيتم إيجاد حل آخر: تفكيك سوريا على أساس طائفي. الإمكانية الأخرى هي امتداد الحرب أكثر فأكثر، في حين تنهار سوريا تمامًا.