تشير معظم الأبحاث العالمية إلى علاقة إيجابية مرتفعة بين المكانة الاجتماعية – الاقتصادية وبين متوسط العمر المتوقع: غالبا، كلما كان متوسط دخل الفرد أعلى، يزداد متوسط العمر المتوقع.
ورغم هذا، كشف بحث نُشر في إسرائيل فحص وضع سكان الدولة في عام 2015، أن متوسط العمر المتوقع في البلدات اليهودية الحاريدية، المتزمتة ذات نسبة السكان العالية أعلى من المتوقع عند الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي.
ويحاول بحث نشره معهد تاوب للأبحاث السياسة الاجتماعيّة في إسرائيل، فحص مؤشر متوسط العمر المتوقع، وكذلك مؤشرات أخرى متعلقة بالصحة الجيدة، لدى اليهود الحاريديم، المتدينين وبحث الأسباب التي تؤثر في هذه الظاهرة المفاجئة.

ففي عام 2012، وصلت نسبة المواطنين اليهود المتديّنين في إسرائيل إلى 9.5% . في السنوات الماضية، أصبحت نسبة العاملين في هذه المجموعة السكانية منخفضة نسبيًّا: أكثر من %60. ومداخيل العائلات اليهودية المتدينة منخفضة بشكل ملحوظ: 2,083 دولارا للعائلة، بينما مداخيل العائلات العلمانية تصل إلى 3,250 دولارا شهرياً. على ضوء هذه المعطيات، فإن جزءا كبيرا من اليهود المتدينين هم من أصحاب المكانة الاجتماعية الاقتصادية المنخفضة.
وتطرق البحث إلى مؤشرين يوضحان أن صحة اليهود المتدينين أفضل من المتوقع: متوسط العمر المتوقع والحالة الصحية. وكانت النتائج مفاجئة بشكل خاصّ: في الاستطلاع الاجتماعي الذي أجرته دائرة الإحصاء المركزية عام 2012، كانت نسبة اليهود المتدينين أعلى من نسبتها في سائر السكان الإسرائيليين. نحو %74 من اليهود المتدينين قالوا إن صحتهم “جيدة جدا” مقارنة بنحو %50 من السكان الآخرين.
ومن الواضح أن الاستطلاع الذي كان يستند إلى أقوال المشاركين كانت النتائج شخصية فيما يتعلق بالوضع الصحي للسكان، ولهذا ربما كانت معرضة للتحريف.لهذا حاول البحث أن يفحص أيضًا بعد أن توصل إلى هذه النتائج مؤشرا موضوعيا أكثر وهو متوسط العمر المتوقع. يتضح من البحث الموضوعي أنه في البلدات الثلاث الاستثنائية بشكل خاصّ متوسط العمر المتوقع فيها أعلى بكثير من تصنيفها في المؤشر الاجتماعي الاقتصادي – هناك نسبة عالية بشكل خاصّ من السكان الذين يعرّفون أنفسهم يهودا متدينين: في بني براك (95%)، بيت شيمش (46%)، والقدس (31%).

وتعليلات مركز تاوب بسيطة: إن صحة اليهود المتدينين الجيدة مرتبطة بثروتهم الاجتماعية العالية. تتألف الثروة الاجتماعيّة من الإيمان بالمجتمع المحلي، القيم والمصادر للدعم الاجتماعيّ من أجل الضعفاء، العلاقات الاجتماعيّة الكثيرة، الرضا عن العلاقات الأسرية، مجموعات الدعم الاجتماعيّ القوية، ونسبة التطوُّع المرتفعة. كذلك، هناك نسبة ضئيلة نسبيًّا من اليهود المتدينين أشارت إلى الشعور بالعزلة. كما أن الإيمان داخل المجتمع الحاريدي يعزز التكتل الاجتماعي.
تدعم النتائج حول صحة اليهود المتدينين الجيدة، النظرية التي تقول أن التكتل الاجتماعيّ يعزز الصحة والعمر المديد أكثر من المتوقع.