أيها الفلسطينيون الغزيون تحية طيبة وبعد،
عاش مواطنو “غوش قطيف” وسكان قطاع غزة معا نحو ثلاثين عاما. في السنوات الأولى، كان أبناء دير البلح القريبة من “كفار دروم” (بلدة يهودية مجاورة دُمّرت في عام 2005) يشاركونا أفراحنا. لم يكن هناك “مغطس” يهودي في كفار دروم، لهذا كنت أذهب كل يوم جمعة إلى البحر عبر دير البلح مشيا على الأقدام، حيث كان صيادو غزة. كنت أغطس في البحر بزي السباحة، وحين كنت أعود إلى الشاطئ كان الصيادون يلقون علي التحية “سبتًا مباركًا”.
كان أبو خليل العزيزة وأخاه رئيس البلدية يحتسيان الشاي في منزلي، كانا يضعان خمسة ملاعق صغيرة من السكر في الشاي ويفضلانه شديد الطعمة. في زفاف بن سعدون، سألتموني عن حكم شرب النبيذ الذي صنعه يهود. عندما انتقلت للعيش مع عائلتي إلى بلدة “غديد” لم تكن فيها صيدلية لهذا زرنا الصيدلية في خان يونس واشترينا منها ال “ماتيرنا” لأطفالنا. كنا نقتني حاجيات يوم السبت مثل الأسماك الطازجة، الفواكه، والخضروات من سوق خان يونس. عندما كنت أصل وحدي يوم الجمعة إلى السوق، كان التجار يلتفتون إلي ويقولون: “أهلا بمختار اليهود”. أصدرنا رخصة سيارة وأجرينا فحصا للسيارة في خان يونس. هل علي أن أتابع بوصف العلاقات الطيبة التي كانت بيننا؟
نعم، يبدو هذا الكلام من نسيج الخيال. ولكن هكذا عشنا، تحدثنا العبرية والعربية، طيلة خمس سنوات، وكأن “المسيح اليهودي” المخلص قد وصل إلى البلاد حينذاك.
كل هذا إلى أن وصل في يوم من الأيام ياسر عرفات مكرّما من الجزائر، ليصنع السلام مع إسرائيل. منذ ذلك الحين، سادت الفوضى في قطاع غزة.
“إذا لعبرت على أنفسنا المياه الطامية” (سفر المزامير، 124، 5)، فترة تلو الأخرى. في البداية ألقيت الحجارة، ثم الحديد والمسامير، وراحت تجوب في الشوارع شخصيات تشبه النينجا. ثم جاءت فترة النار، أي إطلاق القذائف وثم الأنفاق، التي بدأتم بحفرها حين كنا نعيش جنبكم.
أعرف أن المسؤولين عن إطلاق النار ليسوا من أهل غزة الأصليين ولا أبناء المواسي. أنتم لم تطلقوها. أعرفكم، وأعرف أنكم أشخاص طيبون.
إذا تُرجمت أقوالي للشبان الغزيين، للأطفال، فاخبروهم أن أجدادهم لم يتصرفوا هكذا. عشنا حياة جيدة في غزة في الماضي.
يا أبناء غزة، تخلصوا من زعمائكم الذين يرسلونكم إلى الحرب.
فهم لا يصلون إلى الحدود ويموتون من أجل مبادئهم بل يرسلونكم. في بيوتهم الفاخرة يتوفر الماء والكهرباء. أما في زقاقات أحيائكم بالكاد تصل المياه والكهرباء لمدة ساعة.
أتمنى ألا يلحق بكم جنود الجيش الإسرائيلي ضررا.
لا تسمحوا للزعماء العطاشى لسفك الدماء أن يسيطروا عليكم. انتفضوا يا شبان غزة، وارفعوا أعلام الحياة!
أتمنى لكم الصحة الدائمة، والحياة السعيدة، وألا تتخذوا زعماء حماس الذين يزرعون الشر في قلوبكم قدوة لكم.
الكاتب الحاخام يوسف إلنكافيه عاش في مستوطنة إسرائيلية في قطاع غزة وشغل من بين مناصب أخرى منصب الحاخام الإقليمي في المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة (غوش قطيف) حتى أصدرت الحكومة الإسرائيلية أوامرها لإخلاء هذه المستوطنات في عام 2005.