سُجلت قصص بطولة كثيرة على اسم الطيار الإسرائيلي ران بيكر. لقد اعتُبر في سلاح الجو الإسرائيلي أسطورة، وفي جعبته نحو ثلاثة عقود كطيّار حربي. بيكر، الذي رحل أمس (السبت) في سنّ 80، هو “طيار بطل إسقاط طائرات العدوّ” في الجيش الإسرائيلي. على مدى 27 عاما أجرى ما معدله نحو 400 طلعة جوّية.

في تشرين الثاني عام 1966 أسقط طائرة للمرة الأولى. كان ذلك بعد معركة جوية استمرت دهرًا بمصطلحات الطيران – 8 دقائق كاملة. أسقط بيكر ما مجموعه سبع طائرات ميغ، مصرية، سورية، وأردنية، وكان الطيار الثاني في تاريخ سلاح الجو الإسرائيلي الذي نجح في إسقاط أكثر من 5 طائرات. اعتُبر سرب طائرة الميراج الذي كان بيكر قائده خلال حرب 1967 الأفضل في سلاح الجو الإسرائيلي في ذلك الوقت، بعد أن أسقط طيّاروه 19 طائرة للعدوّ في تلك الحرب ولم يُقتل منهم أحد.
عندما أحبّت ابنة بيكر طيّارا حربيا، قرر بيكر أن يختبر إذا كان الشاب جديرا بابنته بطريقته الخاصة – في معركة جوية. طلب من قائد السرب الذي خدم فيه عريس ابنته الصعود إلى معركة ضدّ الطيار الشاب”. نفّذنا ثلاثة معارك جوية منفردة واحدة تلوَ الأخرى”، كما قال بيكر بعد ذلك. “كانت بدلتي مبلّلة عرقا، ولكن كنت راضيا”. كان بيكر راضيا عن أداء الطيّار الحربي الشاب، فوافق على زواجه من ابنته.
ولكن إحدى أروع القصص في سيرة بيكر المهنية، هي تحديدا مغادرة طائرة بطريقة يعرّفها الخبراء بأنّها “عجيبة”. عام 1963 عندما أجرى بيكر طلعة جوية تجريبية لطائرة ميراج 3 الإسرائيلية كان عليها جهاز خاص، توقّف محرّك الطائرة خلال الرحلة الجوية فجأة. بعد القيام بإجراءات الطوارئ أدرك بيكر أنّ عليه مغادرة الطائرة وقام بذلك على علوّ 500 قدم فقط. الجزء الأكثر دهشة، هو أنّ بيكر أعدّ الطائرة قبل أن يغادرها، لئلا تتحطّم، وتستمرّ في الجوّ حتى تهبط وحدها في مطار مجاور، ممّا كان يُعتبر مستحيلا تقريبا. بعد إصلاح الطائرة وتجديدها، أجرى بيكر رحلة جوية تجريبية فاحصا أنّ كل شيء على ما يرام.
الأسير الأردني
تُدعى القضية التي وصمت سيرة بيكر المهنية في إسرائيل “قضية الأسير الأردني”. وتحكي اختفاء طيار إسرائيلي اضطرّ إلى مغادرة طائرته المعطّلة وسط رحلة جوية في سماء الأردن في اليوم الأول من حرب 1967. هبط الطيّار هبوط طوارئ بسلام، ولكن وفقا للاشتباه، فعند وصوله إلى الأرض أعدمه جنود أردنيّون بلا محاكمة.
خلال الحرب سقط في الأسر قائد السرية الأردني الذي قاد عملية تعذيب الطيّار الإسرائيلي المفقود وقتله. اعترف أمام المحقّقين بالفعلة، وعندما سمع بيكر بذلك طلب الالتقاء به والتحقيق معه حول الحادثة بشكل شخصيّ. أحبطت تلك الحادثة الغامضة التي جرت في ذلك اللقاء تعيينه لمنصب كبير جدا في سلاح الجو. وفقا لرواية بيكر، فخلال اللقاء حاول الأسير الأردني الهرب شرقًا، وأثناء ملاحقته، أطلق بيكر ستّ طلقات عليه. لم يتم العثور على أية جثّة، ووفقا لتحقيقات الجيش، يبدو أنّ الأسير نجح في الفرار عائدا إلى الأردن. أحبط الغموض الذي اكتنف القضية تعيين بيكر وأنهى حياته المهنية المرموقة.