أدار عبد الفتاح السيسي الانقلاب العسكري في الدولة العربية الأكبر في الشرق الأوسط وأمام أعين العالم كله، مطيحا بالرئيس الإخواني محمد مرسي، ومعلنا أن مصر ستطوي صفحة الإخوان المسلمين. وبعد أن قدّم السيسي استقالته اليوم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، مهّد الرجل الأقوى في مصر طريقه لرئاسة مصر. من هو السيسي؟
عُيّن عبد الفتاح السيسي، 58 عامًا، في آب 2012، وزيرا للدفاع في مصر. ادّعى معارضوه الكثيرون أن تعيينه جاء على خلفية علاقاته الجيدة بـ”الإخوان المسلمين”، ادّعاء نفته مرارا الجهات السياسية التي عينته في منصبه.
وقت تعيينه (بعدما عزل الرئيس مرسي سلفه في المنصب، محمد حسين طنطاوي) كان السيسي الأصغر سنا بين أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولم يكن يكثر من الإطلالات الإعلامية مقارنة بغيره من الأعضاء، ما جعله مجهولا نسبيًّا بالنسبة للجماهير. رغم ذلك، برز اسم السيسي بعد الثورة التي أطاحت بمبارك إثر معارضته الشديدة للتعامل بعنف مع المتظاهرين والموقوفين.
في الأشهر التي مرت منذ تعيينه رئيسًا للمجلس العسكريّ ووزيرًا للدفاع، حافظ الجنرال على السرية – فلم يبرز كشخصية عسكرية ذات نفوذ، وعُرف بالأساس بابتساماته وخطاباته التي لامست مشاعر سامعيه. لكن مساء أمس، قلب الأمور رأسا على عقب، وأصبح محبوب الجماهير لحظة إعلانه في التلفزيون الحكومي أنّ “مرسي لم يعُد رئيسًا”.
وُلد السيسي في القاهرة عام 1954، وتخرج من الكلية الحربية المصرية عام 1977. بعد ذلك، خدم في الجيش، وترقى في الرتب في سلاح المدفعية المصري. رغم افتقاره إلى أية خبرة فعلية في المعارك، فقد تولى منصب مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع في وزارة الدفاع المصرية، وكان كذلك مندوبًا للجيش المصري في السعودية.
عندما عاد، عُيّن قائدًا للقوات في شمال مصر، في الإسكندرية، ثم رئيسًا للأركان. بعد تعيينه وزيرًا للدفاع، تساءل محللون عديدون في مصر عن علاقته بالإخوان المسلمين، وادّعوا أن زوجته منقبة، وأنه وكيل للإخوان في الجيش. وذكر زملاؤه الذين درسوا معه في دورة حرب في كلية الجيش الأمريكي في بنسلفانيا، أن الرجل “متزمت جدا”، وأنه كان يهمه أن يبرهن في كل مناسبة أنّ كونه مسلما مهم جدا بالنسبة إليه، وأنّ الإسلام بالغ الأهمية في حياة أسرته”.
لكنّ أحداث الأيام الأخيرة أثبتت العكس. ففي لقاء بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال زيارته إلى مصر، قال وزير الدفاع إنه ليس محسوبا سياسيا على أي حزب مصريّ. “إنه ليس رجل سياسة، وليس عضوا من أعضاء الإخوان المسلمين، إنه ببساطة رجل متدين”، ادّعت الصحافة المصرية التي تحدثت مرارا عن علاقاته الممتازة بنظرائه في الغرب على المستوى العسكريّ. شارك السيسي، الذي درس في واشنطن أيضًا، في عدد من المؤتمرات العسكرية في الولايات المتحدة، وأدار مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الأمريكي خلال السنوات الأخيرة.
كسب السيسي الكثير من المؤيدين إثر قيادته للثورة الثانية في أقل من عامَين ونصف على بدء الربيع المصري. حظي محبوب الجماهير، الذي قرر الوقوف إلى جانب الشعب، والذي غمز المتظاهرين حين أطلق مروحيات تطوف فوقهم وأوضح إلى جانب مَن يقف الجيش، بثقة العلمانيين واللبراليين في مصر، وكذلك بثقة رجال النظام السابق. ففي صحيفة “الشروق المصرية”، كُتب أنهم ينظرون إلى الفريق أول كمدافع عنهم في وجه “الإخوان المسلمين”.
وقد ترقى السيسي بقرار جمهوري يوم 27 يناير/ كانون الثاني 2014، إلى رتبة مشير وهي الرتبة العسكرية الأرفع في الجيش المصري.
تقف مصر على أعتاب حقبة جديدة، حقبة “خارطة الطريق”. وينتظر الجيشَ المصري دورٌ بالغ الأهمية في إدارة شؤون الدولة حتى تحديد موعد الانتخابات القادمة.