تحدث في المؤتمر، الذي عُقد اليوم في تل أبيب بتنظيم من مركز أبحاث الأمن القومي، عدد من الشخصيات الإسرائيلية التي شغلت مناصب رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة، من بينها رئيس الشعبية الأمنية ـ السياسية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، رئيس جهاز شعبة الاستخبارات السابق عاموس يدلين ورئيس جهاز الموساد السابق مائير دغان، والتي وفرت كلمته عناوين ملفتة حول المسألة الإيرانية: “لن يكون تبرير مهاجمة إيران خلال فترة المفاوضات ممكنًا، لكن في نفس الوقت يجب إبقاء هذا الخيار مطروحًا”. حمل المؤتمر عنوانًا: “إيران على مفترق طرق”. وتحدث دغان، خلال المؤتمر، عن أن النظام الإيراني هو نظام عقلاني، وهناك حالة من تقدير الموقف تجري بصورة دائمة ومستمرة في الدوائر المعنية في إيران.
وأضاف دغان أن المسؤولين الإيرانيين يتعاملون بجدية مع الموضوع. وحاول دغان تحليل الأمر بصورة أدق، مشيرًا إلى أن غرض المرشد العام للثورة الإيرانية، علي خامنئي، من وضع سياسة داخلية وخارجية، بما فيها البرنامج النووي الإيراني والحرس الثوري، هو ضمان استمرار إرث الخميني الذي نجح في توحيد الوظائف السياسية والدينية معًا. وأشار دغان إلى أن القوة موجودة في أيدي خامنئي وهو صاحب القرار النهائي. وصف رئيس الموساد السابق، خامنئي بالشخص المحافظ، وهو وفيّ لإرث الخميني. ويرى دغان أنه لا يرى استعدادًا لدى خامنئي للوصول إلى تسوية، وأن ما نشهده اليوم هو رغبة في المهادنة ليس إلا. وأشار دغان إلى أن الهدف من مشروع إيران النووي هو الحفاظ على النظام من خلال منع قوى أجنبيه من التدخل في شؤون البلاد. ولم يتم حتى الآن “ترسيم الحدود” بين روحاني وخامنئي.
وقال عاموس جلعاد إن إيران على مفترق طرق، مضيفًا أن المسؤولين في إيران متمسكون بامتلاك سلاح نووي وأن الجميع يرغب في حل هذه المسألة. وأشار جلعاد إلى أن خامنئي يرغب في امتلاك إيران للسلاح النووي، ولكن جلعاد على يقين بأن رئيس الولايات المتحدة لن يسمح أن تمتلك طهران سلاحًا نوويًا. الإيرانيون غير مستعجلين بالنسبة للتوقيت ولكن من المهم بالنسبة لهم أن يكون ذلك خيارًا قائمًا. وأضاف جلعاد إلى أنه وفي العام 2003 كان هناك تجميد للبرنامج النووي، ولكن هذا التجميد لم يطل، وأن إيران عندما تشعر بأن التهديد العسكري قد تلاشى ستبادر إلى استئناف نشاطها وتقدمها في برنامجها لامتلاك القدرة النووية.
وتطرق جلعاد إلى تأثير إيران على دول المنطقة، مؤكدًا أن الحوار مع الولايات المتحدة حول الموضوع النووي في أفضل حالاته. ولكن يجب في نفس الوقت، مراقبة إيران من زوايا أخرى. وتحدث رئيس الشعبة الأمنية والسياسية في وزارة الدفاع عن بداية ظهور محور سني يتمتع بقوة كبيرة يضم بين أعضائه السعودية ومصر، مشيرًا إلى أن السعودية تخشى إيران وتعتبرها تهديدًا وجوديًا بالنسبة لها. ودعا جلعاد إلى الاهتمام بهذا المحور واصفًا إياه بأنه محور له تأثيرات إيجابية ويجب عدم إضاعة كل فرصة تهدف إلى منع امتلاك إيران للسلاح النووي. وأضاف جلعاد إلى أن إسرائيل تتعامل مع قوة ردع إسرائيلية في أحسن حالاتها في مواجهة حزب الله، وأن عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا يعتبر إيجابيًا في هذه النقطة. مشيرًا إلى وجود العديد من الأوراق الاستراتيجية التي يمكن التعامل على أساس واسع وليس فقط في القضايا والمسائل الضيقة.
وتحدث الرئيس شمعون بيريس، اليوم أيضًا، عن الموضوع الإيراني خلال مشاركته في مؤتمر صحيفة “جروزالم بوست”، وقال إن روحاني انتخب في إيران ليس لأنه شخص ثوري، بل لأنه شخص أقل تطرفًا من الآخرين. وأضاف بيرس أن البعض ينظر إلى النظام الدكتاتوري بأنه النظام الأقوى، ولكن في الحقيقة هو النظام الأضعف، مشيرًا إلى أن إيران تعاني حاليًا من الفقر والجوع والبطالة الخطيرة. ولا يستبعد الرئيس الإسرائيلي إمكانية اندلاع “ربيع فارسي” في إيران داعيًا إلى عدم الاستخفاف بقوة الشعب الإيراني.
شاركت وزيرة العدل والمسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، تسيبي ليفني، في مؤتمر “الجروزالم بوست”، وقالت إن ايران تعتبر تهديدًا حقيقيًا ليس فقط بالنسبة لإسرائيل. وطالبت الوزيرة ليفني المجتمع الدولي بالتشدد في مواقفه تجاه إيران، مؤكدة على أهمية التلويح والتهديد باستخدام القوة لأن من شأن ذلك أن يمنع استخدامها مستقبلا، وأن هذا ما حدث في سوريا. وأشارت ليفني إلى أن إيران تعتبر تهديدًا بالنسبة للدول العربية، وأن هناك إجماع في المنطقة على ضرورة مواجهة التهديد الإيراني، وثمة تشابه بين إسرائيل والسعودية في موقفهما تجاه البرنامج النووي الإيراني، وفي الخطاب العربي والعبري تجاه الخطر الإيراني.
اختارت الوزيرة ليفني أيضًا وخلال كلمتها في المؤتمر، الحديث عن المفاوضات التي تديرها مع المسؤول الفلسطيني عريقات، وحاولت الربط بين المفاوضات وبين القدرة على المناورة والتحرك في الساحة الدولية فيما يتعلق بالموضوع الإيراني. وأشارت إلى أن التقدم في المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق سيساهم في إضعاف إيران وإقامة محور دولي بمشاركة دول عربية. هذا المحور سيوفر أيضًا لإسرائيل شرعية لأي عمل عسكري قد تضطر للقيام به عند الحاجة. ودعت ليفني إلى ضرورة وضع حد للتهديد النووي الإيراني وفي نفس الوقت التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، مؤكدة على أن هناك مصلحة مشتركة من وراء ذلك.
وصف وزير الدفاع يعلون السياسة التي تتبعها إسرائيل تجاه البرنامج النووي الإيراني بأنها سياسة ذكية وعقلانية، ترفض امتلاك إيران للقدرات النووية العسكرية، وأن هناك أهمية لتفكيك السلاح الإيراني عبر الضغوط السياسية والاقتصادية. وأن على طهران أن تشعر بالثمن الباهظ الذي تدفعه لإصرارها على امتلاك سلاح نووي مع ضرورة إبقاء الخيار العسكري على الطاولة. ودعا يعلون إلى عدم الانسياق وراء رغبة إيران في تخفيف العقوبات عنها قبل أن تقدم طهران على وقف برنامجها النووي، وعدم الانجرار وراء الأمنيات. ويرى يعلون أن تجميد النظام للبرنامج النووي يمكن أن يكون في حال أدرك النظام الإيراني أنه يواجه معضلة حقيقية وعليه أن يختار بين القنبلة النووية وبين البقاء خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.