“رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، سيلقي خطابا يوم الأربعاء بعد الظهر” أعلنت رسائل نصية كثيرة، وتغريدات عبر تويتر، ومنشورات في صفحات الفيس بوك المحسوبة على حماس. وفي خطوة هادفة إلى تحدي المهلة السعودية، قامت قناة الجزيرة في بث الخطاب على نحو مباشر أمام أنظار العالم العربي، رافعة مكانته من رئيس منظمة إرهابية حسب الولايات المتحدة، إلى رئيس دولة عظمى.
تحدث هنية بإسهاب في خطابه، عارضا أفكاره الأيديلوجية التي بدا ميثاق حماس الجديد في ظلها تاريخا بعيدا. فطال شؤون كثيرة تتصدر النقاش العامّ، مثلا الحائط الغربي في القدس، وهو أحد المواقع الهامة لدى اليهود، موضحا أنه جزءًا لا يتجزأ من المسجد الأقصى. وذكر أيضا قضية عرب 48، معرفا الضفة الغربية كمركز الصراع الفلسطيني – إسرائيلي.
لكن اسما واحدا لم يذكر في خطاب هنية، رغم توقعات صحفيين كثيرين بأنه سيذكر، وهو اسم محمد دحلان. نجح حديث هنية عن المقاومة في الضفة الغربية وعن الأماكن المقدسة في القدس في تشويش حقيقة أن وراء الكواليس تتبلور “صفقة” ثلاثية أو قد تكون رباعية بين حماس – مصر – دحلان وربما بين إسرائيل، بموجب الصمت علامة الرضا.
تشعر حماس بإحراج في ظل الصفقة مع دحلان. فمن جهة، الخيارات الكامنة أمامها محدودة: يضيق أبو مازن عليها اقتصاديا فارضا عقوبات غير ممكنة، ومن جهة أخرى تعرف حماس أنه دون فتح معبر رفح، فإن حكمها في غزة سينهار مع مرور الوقت.
رغم الماضي الصعب بين حماس ودحلان، فقد اختارته حماس شريكا بمقتضى الضرورة، وهو يعتبر خصم أبو مازن اللدود، ومصدر قلق كبير لديه. كان هدف حماس من “مغازلة” دحلان هو دب الرعب في قلب أبو مازن وجعله “يتنازل” في كل ما يتعلق بالعقوبات التي يفرضها على غزة.
إلا أن أبو مازن الذي يتماسك بآرائه دائما، يرفض الخنوع، فبقيت حماس على علاقة مع دحلان كشرط للاتفاقات مع مصر.
سيكون من الصعب جدا على حماس إقناع مؤيدها بـ “الصفقة” المتبلوة مع دحلان. فدحلان بعيون عناصر حماس رمزا لكل ما هو سيء في السلطة الفلسطينية وفتح. وحماس التي تهتم جدا بالرأي العام، تفضّل عدم إظهار دور دحلان والتركيز على التقدم مع مصر.
بالمناسبة، تتعامل إسرائيل مع هذه التطوّرات معاملة اللامبالاة – فإذا كان الفلسطينيين منقسمين حتى الآن بين حماس وفتح، فمنذ الآن سيتوسع هذا الانقسام أكثر وسنحصل على حماس، وفتح “أ” وفتح “ب”.