ألقى رئيس الموساد السابق مئير داغان خطابًا في مؤتمر أمس (السبت). وفيما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يتنقل بين غرف رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن من أجل المضي قدما في المفاوضات العالقة، قد صرح داغان عدة تصريحات كل واحد منها كافٍ بحدّ ذاته ليثير عاصفة، كما ذكرت صباحا صحيفة “معاريف”.
وفقا للتقرير، قدّم داغان للصحف أكثر من عنوان مثير. من بينها، قال إنه بحسب رأيه يجب حل الصراع في أسرع وقت ممكن، ولكن درجة الثقة التي يعطيها للفلسطينيين قليلة جدا. حذر داغان قائلا: “في تقديري، إن لم يتم حل هذه المشكلة فإنها قد تؤدي إلى أن تصبح إسرائيل دولة ثنائية القومية”. وتابع قائلا: “لا أنظر إلى ذلك من وجهة النظر الفلسطينية. وإنما أقول هذا على محمل الجد؛ فلا يهمني أمرهم. المهم عندي ما يجري في الدولة، وما سيحدث هنا لأولئك الذين سيأتون بعدنا. ماذا يبقى للأجيال القادمة”.
من جهة أخرى، قال داغان إن تاريخ الفلسطينيين في احترام الاتفاقات ليس شيئا يمكن الافتخار به. “لدينا مشكلة استراتيجية ومتأصلة في ثقة الجمهور الإسرائيلي”، وتابع موضحا: “نحن بحاجة إلى إعطاء ملكيات دائمة للفلسطينيين، أي مساحة من الأرض… وفي الواقع فالمقابل الذي ينبغي أن نتلقاه هو ورقة. إنّ درجة الثقة ودرجة تنفيذ الفلسطينيين للترتيبات السابقة التي وقّعنا معهم عليها هي درجة إشكالية جدا”.
ويقترح داغان نهجا جديدا تماما لتسوية الصراع. يقول: “في رأيي، فإن الطريق الصحيح لحلّ المشكلة مع الفلسطينيين لا يكون باتّفاق مع الفلسطينيين”، موضحًا: “علينا أن نصل إلى ترتيب ما بحيث نتحادث فيه مع الجامعة العربية، وأن نجعل ذلك وكأنما هو اقتراح من العرب أنفسهم. فإن احتمال أن يكون أبو مازن مستعدا للتراجُع عن المواقف الأساسية التي تم تحديدها في تراث عرفات في ظل هذه الظروف هي فرصة ضئيلة جدا”.
وقد طرح داغان المطالبات الأكثر دهشة بالفعل حول حماس. قال: “ليس لدي دليل على ما سأقوله الآن”، استهل كلامه وأوضح، “ولكنّ لديّ انطباعًا أن دولة إسرائيل ليست لديها مصلحة في تدمير حماس. والسبب بسيط، فأنا أرى الآن الجهود التي تبذلها مصر على قدم وساق من أجل الحد من قوة حماس. وأرى هذا الجهد مبذولا من قبل دول الخليج والسعوديين أيضا. ودولة إسرائيل غير مشتركة تماما في هذه الجهود”. وعلى حد قوله، إن تم ذلك، فهو من أجل الحفاظ على فقدان شرعية معينة لأبي مازن، بحيث يمكن التراجُع عن التوقيع على الاتفاق في اللحظة الأخيرة.
وأوضح داغان أنه يعبر عن ذلك كرأي شخصي فحسب، ولا يستطيع أن يبرهن عليه بشكل قاطع. وواصل داغان تقديم العناوين المثيرة حتى حين تحدث عن الترتيبات الأمنية من الشرق. قال: “ليست لدي مشكلة مع طلب سياسي بأن يكون غور الأردن جزءًا من دولة إسرائيل”. وتابع قائلا: “من الشرعي أن يكون هناك موقف كهذا. ويزعجني أن يتم عرض ذلك وكأنما هو مشكلة أمنية. ليس هناك جيش عراقي، وليست ثمّة جبهة شرقية. هناك سلام مع الأردن. لا أحبّ الحديث عن أن غور الأردن هو أمر أساسي لأمن إسرائيل”. وأضاف بعد ذلك أن هناك “مناورةً واستخدامًا للاعتبارات الأمنية”.
وانتقد داغان الولايات المتحدة أيضا، وقال إن جهود كيري لا تبدو بالنسبة له معلًمًا هاما في الرؤية الأمريكية، وإنما مجرّد “جهد مرتبط بكيري نفسه”. كما انتقد الاتفاق النووي مع إيران، وقال عنه: “كان هذا الاتفاق سيئا جدا. هو اتفاق إشكالي. وإن لم يتم حله الآن، فنحن نقف أمام مشكلة استراتيجية معقدة جدا. ينبغي أن ندرج ضمن الاتفاق الدائم جميع الثغرات التي فيه، ومن المؤسف جدا أنّ ثمة ثغرات كثيرة فيه”. وأعاد داغان التشديد أيضا على الموقف الذي أعرب عنه سابقا ضد الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية. فوفقا لكلامه، لا يجب القيام بهجوم ليس لأنّ إسرائيل غير قادرة على ذلك، وإنما لأنّ فاعلية هجوم كهذا ستكون ضئيلة.