الجميع مهتم به ولكن قلة من يفهمونه حق فهمه. يعتقدون أن الحب يأتي كلمح البصر، وقعنا في الحب وهذا كل ما في الأمر، كأن هناك فئتان متضادتان، الأولى أشخاص وقعوا في الحب والثانية أشخاص لم يقعوا فيه. هكذا بكل بساطة. إلا أنه في الواقع، الحب ليس حالة مستمرة وثابتة. بل هو ليس “حالة” حتى، إنما فعاليات وأنشطة – الكثير من الأنشطة اليومية التي تُنتج ما يسمى بالحب. الحب طويل الأمد هو ليس أمرا تلقائيا، بل هو أمر يحتاج إلى بذل جهد كبير، والتخلي عن الأنانية، والاستعداد للتعرض للأذى في المشاعر والنفس. ومع ذلك، حتى لو أننا نعيش الحب في هذه اللحظة، فنحن غالبا نجهل حقيقة ما هو الحب.
حتى نساعدكم في تحليل هذه الحالة الشعورية المُربكة، قام علماء نفس طبيين بجمع بعض الأبحاث التي تخص الموضوع، واستطاعوا أن يتوصلوا لبعض الحقائق المثبتة علميا وتجريبيا عن الحب. هذه الحقائق التي تم نشرها في المجلة العلمية Psychology Today، هل ستستطيع مساعدتكم في فهم ما هو الحب حقيقة؟
1. لقاء جنسي واحد لن يؤدي إلى الحب
التقيتما في مناسبة معينة وكان بينكما انجذاب فوري، رجعتما إلى البيت وقضيتما ليلة عاطفية مليئة بالولع والأشواق. العلاقة الجنسية بينكما كانت رائعة، ويبدو أنكما وقعتما في الحب. هل التخطيط للزواج يبدو أمرا مبكّرا؟ الإجابة على قضية العلاقة الجنسية هي أنه بالرغم من أن الانجذاب الجسدي هو جزء لا يتجزأ من العلاقة العاطفية، إلا أن هناك فرق كبير بين الحب والولع.
ففي أبحاث معينة قاموا بعملية مسح لأدمغة في أوضاع حقيقية، ووجدوا أن الإنسان يعيش حالة الحب وحالة الولع في مناطق مختلفة من الدماغ – الولع يكون في منطقة الدافع/ الجزاء، بينما يكون الحب في المناطق الخاصة بالتعاطف والرعاية والاهتمام. لهذا السبب، غالبًا لن تؤدي اللقاءات الجنسية العشوائية إلى علاقات طويلة الأمد.
2.الحب هو شعور مستمر
أثبت بحث جديد أن حالة الحب نعيشها كلحظة محددة من التواصل الصادق. في هذه اللحظة، ينتج الأشخاص المحبون صورة طبق الأصل عن المحبوب من خلال تعابير الوجه. مع ذلك، أُثبِت أن الحب ليس فقط شعورا مؤقتًا، ولكن إلى جانب الشعور المؤقت هناك شعور مستمر – حالة عقلية وعاطفية نهتم بسببها كثيرا براحة وطمأنينة المحبوب، نشعر بالأسى والألم لألمه ونحاول قدر الإمكان أن نخفف عنه.
3.الحب بإمكانه أن ينقذ حياتك
تشير أبحاث كثيرة ومتنوعة إلى أن علاقة الحب أمر ضروري للصحة الجسدية طويلة الأمد، بينما حالة الوحدة وعدم وجود علاقة يؤديان إلى تقصير العمر كما يفعل التدخين وأكثر. ولكن هذا العامل، نعني الوحدة وتأثيرها على قصر الحياة، يقل تأثيره عندما ننتمي إلى فئة جماعية كمسجد أو أي جماعة اجتماعية أخرى. فيما يخص الرجال تحديدا، الزواج هو وسيلة لتحسين الصحة لأمد طويل، وموت شريكة الحياة قد يكون عاملا يؤدي إلى الوفاة المبكرة. لا يعلم الباحثون بعد إذا ما كانت هذه العلاقة بين الزواج وتحسين حالة الرجل سببها أن النساء يشجعن أزواجهن على الاهتمام بأنفسهم أو إذا ما كانت هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على السلامة الجسدية والنفسية للرجال.
4. هناك شرط للحب
الشرط السابق لحالة الحب هو أن نشعر بالثقة والأمان مع الشخص الذي سنحبه. حتى يتم التواصل مع الشريك بصورة عاطفية ومليئة بالرعاية والحب، تُرسل قشرة الدماغ الأمامية رموزا للوزة (وهي منطقة شعورية خاصة بإحساس الخوف) لكي تستغني وتتخلى عن ردة الفعل التلقائية “الكر والفر”. من الصعب على الأشخاص الذي عانوا من صدمات في طفولتهم، قلة اهتمام، عنف، وكل تجربة أخرى هددت شعورهم بالأمان، أن يتخلوا أو يُطفئوا الجهاز الذي يجعلهم يحاربون ويكافحون، أو يهربون ويتجمدون في مكانهم، وأن يشعروا بالأمان الكافي حتى يتبادلوا مشاعر الحب. ولكن الأخبار الجيدة هي أنه باستطاعتهم أن يتغلبوا على ذلك بواسطة العلاج، وأحيانا بواسطة شريك يبرز مشاعر الاهتمام والأمان والثقة.
5. إنه مُعْدٍ
التعبير عن الاهتمام والرأفة والتعاطف قد يؤدي إلى إيجاد هذه المشاعر لدى أشخاص آخرين. من المحتمل أن هذا هو السبب الذي أدى ببعض القادة مثل الدالاي لاما ونيلسون مانديلا أن يكونوا مصدر إلهام لقلوب الكثير من محبيهم لكي يكونوا أشخاصا أفضل، وساعدوهم في تهدئة تقنية “الكر والفر” التي يكون استعمالها سيئا عندما يتعلق الأمر بالحب.