أظهرت بروتوكولات جديدة نشرت اليوم من قبل أرشيف الدولة الإسرائيلي، بمناسبة مرور 36 عامًا على المعاهدة التاريخية بين إسرائيل ومصر، إلى أي مدى كانت الفجوة عميقة بين الإسرائيليين ومصر. تصف الوثائق النقاشات حول الاتفاق بين النخبة الإسرائيلية، بدءًا من كامب ديفيد، والتي وافق خلالها الطرفان على “اتّفاق إطار للسلام”، وصولا إلى الأيام الدراماتيكية في آذار عام 1979، والتي تمّ خلالها صياغة معاهدة السلام التاريخية نهائيًّا.
ومن المثير للاهتمام اليوم، عندما يكون اتفاق السلام هو أمر واقع ومستقرّ تمامًا، كم كان الطرفان قريبين من انفجار المحادثات والعودة إلى حالة الحرب التي استمرّت بين الدولتين على مدى 31 عامًا التي سبقت الاتفاق.
في المحادثات بين الممثّلين وبين الإسرائيليين وبين أنفسهم، ذكر رئيس الحكومة مناحم بيجن ووزير الخارجية موشيه ديان ماضي الرئيس المصري أنور السادات المؤيّد للنازية، مما يشير إلى تخوّفهم من نواياه الحقيقية. اشتكى ديان على أنّه في سنوات الأربعينات من القرن العشرين من أن السادات قد “تحمّس جدًّا لانتصار ألمانيا النازية”، بينما قال بيجن إنّ السادات عرض مهاجمة السفارة البريطانية في القاهرة، ولكن جمال عبد الناصر قد منعه. حينذاك طلب وزير الدفاع عيزر وايزمان، الذي ذكّر الحضور أنّه تاريخ بعيد، إيقاف النقاش حول الموضوع.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد سخر بيجن إلى حدّ ما من دور الرئيس المصري في حرب نكسة حزيران عام 1967: “كان أداؤه في الحرب سيّئا”، قال بيجن وأضاف أنّ السادات: “جلس لعدّة أيام في المنزل دون أن يقوم بأي عمل. وحين علم بالهزيمة بقي في منزله”.
وممّا أزعج الإسرائيليين أكثر من كلّ شيء هو الطلب المصري بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي احتلّتها إسرائيل في تلك الحرب، بما في ذلك أراضي الضفة الغربية. كان بيجن، ديان ووايزمان على توافق في الآراء بخصوص أهمية استمرار السيطرة على الضفة الغربية، وكانوا على استعداد لتقديم تنازلات خرافية أمام المصريين أنفسهم، وذلك لعدم تحمّل المخاطر في الشأن الفلسطيني. “الأهم هو الضفة الغربية”، قال وايزمان، وأضاف: “أنا مستعد في سيناء للذهاب شوطًا طويلا أكثر ممّا ظنّنا في أيّ وقت مضى”.
فهم بيجن أيضًا أنّ الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل هو منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية، وأشار قائلا: “اقترحت على كارتر إلغاء الحكم العسكري في الأراضي المحتلة، ولكن الجيش سيبقى. نحن لا نريد أن تشترك منظمة التحرير الفلسطينية ولذلك فهذا هو الطريق الوحيد. حسب تعبيره: “لم يقل كارتر كلمة واحدة تعبّر عن الرفض”.
في نهاية المطاف، استطاع الإسرائيليون الحصول على ما يريدون. تمّ توقيع معاهدة السلام مع مصر، وانسحبت إسرائيل حتّى خطّ الحدود الدولي مقابل معاهدة سلام كامل. ومن ناحية أخرى، لم يشمل الاتفاق الطلب المصري بالانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة. بدلا من ذلك، التزمت إسرائيل بمنح “حكم ذاتي” فلسطيني، وهو الطلب الذي نوقش بعد ذلك لسنوات، وجاء إلى حيّز الوجود فقط مع إقامة السلطة الوطنيّة الفلسطينية عام 1994.