تمثل نائبة الوزير تسيبي حوطوبلي، أصغر أعضاء الكنيست عن الليكود، والمرأة المصنفة أولى في الحزب، أكثر من أي شخص آخر، غياب الخط الأيديولوجي الواضح للحزب الحاكم. لطالما مثّلت حوطوبلي، التي يحبها كثيرًا المنتسبون إلى الليكود، وكذلك تحب وسائل الإعلام مقابلتها، خطًّا أيديولوجيًّا متصلبًا يلائم أكثر الشق المتطرف من حزب البيت اليهودي (أي أنّ وجهة نظرها تنسجم مع تلك التي للوزير أوري أريئيل)، وبعيدًا عن الموقف الرسمي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ورغم الاختلاف في وجهات النظر، فإنّ حوطوبلي تؤمن بأنّ الليكود يجب أن يكون مكانًا لآراء متنوّعة، ولا تعاني أية صعوبة في الطموح إلى نقل الليكود أكثر إلى اليمين.
قبل بضعة أشهر، تزوجت حوطوبلي، بعد سنوات من العزوبة المتأخرة – أمر ليس مقبولا بين الشبان المتدينين. وفي نهاية إجازة “شهر عسل” قصيرة، عادت مباشرةً إلى عملها كنائب لوزير المواصلات، فيما تخوض صراعًا شخصيًّا وإعلاميًّا مع الوزير يسرائيل كاتس (حول مجالات مسؤولية وزارة المواصلات).
تحدث إليها موق “المصدر” في ذروة جولة في القدس الشرقية، لحظات قبل لقائها وفدًا من أفراد اللوبي الأمريكي الداعم لإسرائيل، إيباك، حيث قامت بعرض حلمها عليهم.
“في هذه اللحظات تحديدًا، أتجول في حي سلوان في القدس، برفقة وزير الإسكان أوري أريئيل (البيت اليهودي). وقد حضرنا معًا وضع حجر الأساس لحي تل تسيون”، تقول في مقابلة هاتفية.
ماذا تفعلون هناك؟
“نتفقد البناء اليهودي شرقي المدينة. نتأكد أنّ ثمة تقدّما. هذا جزء من العمل الروتيني”.
لكن ما علاقة البناء اليهودي في تل تسيون بعملكِ كنائب لوزير المواصلات؟
“أوّلا، موضوع النقل مرتبط بكل مكان. في كل حي، وفي كل منطقة، ثمة شؤون ومشاكل ذات صلة بالنقل. أرى الجولات في الأحياء اليهودية في القدس جزءًا من الأجندة القومية الخاصة بي. صحيحٌ أنّ منصبي إداري، لكنني آتي إلى هنا أيضًا لأتأكد من مواصلة البناء، لأتأكد أنه لن تكون حواجز داخل القدس”.
أية حواجز تقصدين؟
“حواجز تعيق اليهود من العيش هنا. ثمة مشاكل أمنية في منطقة “مدينة داود”. الفلسطينيون يُلقون عبوات حارقة. يعيش اليهود هنا في مقاطعات يملؤها العرب بشكل جارف. يتوجهون إليّ، ويطلبون أن آتي لأرى عن كثب طريقة حياتهم، وأنا أستجيب الدعوة”.
كيف تشرحين الفوارق في وجهة النظر داخل الليكود من قضية البناء في المستوطنات ، فرئيس الحكومة أعلن أنّه معني بالتقدم لحلّ الدولتين؟
“فهمت الحكومة الحالية أنّ البناء ليس عقبة. نحن، ببساطة، لا نرى البناء في الأراضي المحتلة أو في القدس الشرقية شأنًا يشكّل عائقًا. بدأ الصراع بيننا وبين الفلسطينيين قبل عام 1967. فهو ليس حقًّا صراعًا على تلك الحدود. إنه يسبق حتى عام 1948. وبالنسبة للفلسطينيين سبق ذلك حق العودة منذ 1948.”
لكنّ ما تقولينه لا علاقة له بالواقع، على الأقل كما يراه رئيس الحكومة ؟
“نظرة رئيس الحكومة هي كنظرتي في هذا الموضوع. حلّ النزاع ليس مرتبطًا باستمرار البناء. من يتجول في الأراضي المحتلة يرَ أنّ هناك الكثير من الأراضي المفتوحة. ليست هناك كثافة، الكل مفتوح. ما يفرقنا عن العرب ليس الأرض والبناء، بل وجهة النظر والأيديولوجية المختلفتان. البناء هو حق طبيعي للشعب اليهودي في أرضه”.
بالنسبة للفلسطينيين، البناء في الأراضي المحتلة والحضور الإسرائيلي هناك هما قطعًا عقبة أمام السلام. أنت تعرفين ذلك بالتأكيد
“لكنّ الحقيقة أنهم لم يفعلوا أي شيء في فترة التجميد. هذا الآن أمر يتطلّب برهانًا. خلال ولاية حكومة نتنياهو السابقة، قام رئيس الحكومة بتجميد عميق للبناء، أدى به إلى أزمة ائتلافية حادّة، حتى فقدان الأكثرية تقريبًا. فيما لم يكلّف أبو مازن نفسه حتى عناء الذهاب إلى المفاوضات. حتى إن أعطت حكومة يسارية كل شيء وانسحبت إلى حدود 1967، فهم ليسوا معنيين”.
ولكن على أرض الواقع، لم يكن هناك تجميد خلال 2009. كان التجميد في التصريحات فقط
“في النهاية، كانوا يستخدمون هذا كذرائع. ويمكن القول: دعنا نعود قليلًا في التاريخ. لكن حتى عندما يعرض اليسار تسويات ويكون مستعدًّا للاكتفاء بإسرائيل غير القابلة للخلاف، فهم لن يرضوا”.
إذا، يصبح استمرار البناء في الأراضي المحتلة عندًا إسرائيليّا؟
“لا يجب أن يكون موضوع البناء الرايةَ، لكن ليس ممكنًا قبول التوجّه “لا تبنوا”. هذه لاساميّة بحد ذاتها. حتى لو لم تكن الأراضي المحتلة تحت سيادة إسرائيلية تامة، فإنّ إسرائيل لديها سلطة إدارية على مدن كبرى مثل أريئيل، معليه أدوميم، عفرة، شيلوه، ويجب أن تحظى هذه المدن بالبنى التحتية لدولة إسرائيل. في إسرائيل اليوم أزمة سكن هائلة، و”يهودا والسامرة” (أي الضفة الغربية) هي بالضبط المكان، الذي إن استمر البناء فيه، فإنّ أسعار الشقق ستنخفض، لأنّ سعر الأراضي منخفض هنا. أزمة السكن في إسرائيل ناتجة عن أنّ الشمال والجنوب بعيدان، ولذلك يجري الحديث دائمًا عن صعوبة العيش في تلك المناطق البعيدة. والآن، في الضفة الغربية تُحلّ المشكلة. الكل قريب”.
أنت نفسك تدعين تلك الأراضي “أراضي مثيرة للجدل”. لماذا سيرغب الإسرائيليون في السكن في مكان غير مقبول على معظمهم؟ مكان عليه جدل سياسي حاد؟
“أنتِ مخطئة. ثمة اليوم طلب هائل على الشقق في الأراضي المحتلة، وليس فقط من قبل حاريديم أو متدينين قوميين. جموع غفيرة تتدفق إلى هناك. من حيث المعطيات، ثلث سكان الأراضي المحتلة علمانيون، ثلثهم صهيونيون دينيون، والثلث حاريديون. في المدن الكبرى كأريئيل ومعليه أدوميم، ثمة حضور علماني قوي جدا. أنا أدعو ذلك مثيرًا للجدل، لأنه من الناحية القانونية، هذه أراضي الوطن التي لم نفرض سيادتنا عليها بعد. من جهتي أدفع البناء، ولديّ الأساس القانوني لذلك في تقرير إدموند ليفي”.
ما دام الأمر كذلك، فلمَ لا تعملين على أن تصادق الحكومة على تقرير إدموند ليفي؟
“سؤال جيّد. التقرير هو تصريح هامّ كتبه قاضي محكمة عليا، لكنني لا أعلم أين المشكلة في العلاقات بين الحكومة وبين حركة الاستيطان (المستوطنين). كان النقاشُ في الماضي حول قضية مناطق معينة، جرى حلها في قرار تسوية. أفهم أنّ رئيس الحكومة في لعبة أمام العالم كله، ولا يريد إجراءات استفزازية، بل يفضَل البناء بهدوء”.
تقولين إن رئيس الحكومة يستمر، سرًّا، في البناء، في الوقت الذي لا يريد فيه معاداة العالم كله؟
“كما ذُكر سابقًا، ليس ذلك سرا. فإيقاف البناء لم يكن جزءًا من دفع العملية السياسية، ولا يرى نتنياهو في ذلك عقبة أمام السلام. ليست هناك أية سياسة مزدوجة”.
صرّحتِ في الماضي أنه يجب ضم كل الأراضي المحتلة. كيف تنوين فعل ذلك؟
“نعم. أنا أومن أنّه يجب الطموح إلى ضمّ كل الأراضي، لكنّ برنامجي المفصّل هو ضمّ مراقَب وتدريجيّ. لا يمكن لدولة إسرائيل بالطبع أن تقوم غدًا بضمّ كل سكّان رام الله، نابلس، والخليل العربية، وأماكن أخرى يعيش بها سكان معادون. وفي الواقع، كلما عمّقت إسرائيل رغبتها بالتوصل إلى اتّفاق سلام، نمى في السلطة الفلسطينية التمثل بحماس، ويشمل ذلك اليوم جهازًا تربويًّا فلسطينيًّا معاديًا جدًّا لدولة إسرائيل. لذلك، لا أومن بإمكان القيام بضمّ من جانب واحد يومًا ما. ما يجب القيام به هو ضمّ تدريجي للمستوطنات اليهودية، التي تشغل اليوم 10% من مساحة الضفة الغربية، ومنح الجنسية لمئة ألف فلسطيني على الأقل، يعيشون في مناطق C”.
ووفقًا للبرنامج التدريجي، متى ستُضَمّ أراضي A و B؟
“هذه عملية تستغرق 20 سنة على الأقل، جيلًا كاملًا”.
وكيف تتوقعين أن يصبح السكان الفلسطينيون أقل عدائية خلال 20 سنة لتتمكني من ضمّهم؟
“يجب تقييد نيل الجنسية بأنّ من هو معني بنيلها عليه القيام بواجباته تجاه الدولة. على المواطنين أن يكونوا ذوي حقوق وواجبات. يُمنع أن ندخل مجددا في وضع يماثل وضع سكان إسرائيل العرب الذي يجري إعفاؤهم من الخدمة. ثمة واقع معيّن في إسرائيل، وإذا أرادوا التمتع بامتيازات في الدولة، عليهم المشاركة في الخدمة الوطنية. سيكون هذا مقياس رغبتهم في الاندماج كمواطنين ذوي حقوق متساوية. أفهم أنه لا يمكن تجنيدهم جميعًا للجيش، لكن على الأقل طلب عدم التورط في منظّمات إرهابية (مثلما، لا يُجنَّد اليوم المواطنون اليهود المتورطون في العنف أو الجرائم). إضافةً إلى ذلك، عندما تخطو إسرائيل باتجاه الضم، سيكون عليها أن تعالج معالجةً عميقةً الجهاز التربوي الفلسطيني”.