كثر الحديث مؤخرا عن وجود تنسيق مشترك بين حماس وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سيناء. هذا التنسيق سيكون محط أنظار ومراقبة الطرف المصري لا سيما بعد جولة اللقاءات بين حماس وبين المخابرات المصرية والتي أعلنت حماس بعدها عن طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة بين الطرفين.
الحصار المفروض مصريا على قطاع غزة وعلى حماس لم يُبقي للحركة الكثير من الإمكانيات سوى التعاون مع ولاية سيناء لضمان استمرار تسلح الحركة واستمرار تهريب الأسلحة الى القطاع عبر سيناء وذلك في ظل حملة أمنية غير مسبوقة يقوم بها الجيش المصري ضد الأنفاق، عقابا لحماس على موقفها من الإطاحة بالرئيس المصري السابق، محمد مرسي وفي ظل اتهام مصري للحركة من أنها تتدخل في شؤون مصر الداخلية وأن بعض عناصر حماس ضالعون في بعض العمليات الأمنية ضد نظام الرئيس السيسي وتحديداً في سيناء.
ونشر “المصدر” ووسائل إعلام اخرى تقارير عن هذا التعاون. ففي إطار هذا التعاون من قبل ولاية سيناء، والذي يقوم بموجبه عناصر داعش في سيناء بمساعدة حماس على تأمين السلاح الذي يحتاجه الجناح العسكري في الحركة، قامت حماس بالإفراج عن عناصر سلفية كانت معتقلة لديها.
في المقابل حماس تدفع أموالا مقابل تلك عمليات التهريب للتنظيم، كما أنها توفر للتنظيم دعماً متنوعا يشمل تقديم العلاج لبعض الجرحى أحيانا من عناصر داعش وحل بعض القضايا المتعلقة بالعناصر الجهادية الناشطة في غزة والذين تعتقلهم حماس وأفرجت عنهم بعد اتفاق جرى التوصل إليه منذ أكثر من 3 أشهر بين الجانبين.
حماس التي لم تتورط في أي هجمات ضد الجيش المصري في سيناء، فتحت لنفسها أبوابا هامة بالتنسيق مع تنظيم داعش الذي لا زال رغم الضربات التي يتلقاها في شبه الجزيرة المصرية، جراء الحملة العسكرية الكبيرة، لا يزال يحكم السيطرة على غالبية عمليات التهريب من سيناء إلى غزة ولذلك تعتمد حماس عليه في إدخال احتياجاتها من أسلحة وصواريخ ومتفجرات.
وقد بث تنظيم ولاية سيناء منذ أيام مقطع فيديو يظهر فيه عناصر جدد يتم تدريبهم في شبه الجزيرة المصرية التي ينفذ فيها التنظيم باستمرار هجمات ضد الجيش المصري الذي يقود عمليات عسكرية كبيرة ضد المسلحين الجهاديين.
وظهر في الفيديو شخصين يقودان عمليات التدريب وهما يرتديان زيا عسكريا لم يكن يظهر مسبقا في أوساط عناصر التنظيم الذي، أعتاد على لبس الزي الأسود أو الزي العسكري الاعتيادي. ولوحظ من خلال الفيديو الذي نشر أن المدربين يرتديان زيا عسكريا تعتمده كتائب القسام في غزة لوحدات النخبة الخاصة التابعة لها.
https://www.youtube.com/watch?v=dV7j3125XX8
وقد اثار هذا الفيديو تساؤلات لدى جهات جهادية حول حقيقة وجود أو عدم وجود تنسيق بين الطرفين. وقد أشرنا في الماضي أن أحد نشطاء داعش في غزة والمتواجد في سوريا ويقاتل هناك أرسل رسالة إلى قيادة التنظيم في تلك البلاد يطالبها بالتحقيق في التعاون بين ولاية سيناء وحماس. الرسالة جاءت تعبيرا لإستياء جهاديي القطاع من التعاون بين التنظيم في سيناء وحماس، معتبرين أن ذلك يخالف العقيدة باعتبار أن حماس “مرتدة” من نظرتهم الدينية وأنها تحاربهم من أجل مصالحها.
الفيديو نشر تزامنا مع الأنباء التي نشرها المصدر مسبقا عن نجاح ستة نشطاء بارزين في القسام برفح جنوب قطاع غزة بالانتقال إلى سيناء والانضمام لتنظيم داعش من بينهم “محمد أبو شاويش” القيادي البارز في رفح.
كما وأشارت بعض المصادر الى أن حماس نجحت مؤخرا بإدخال أحد عناصرها البارزين ويدعى غسان العرجاني الى قطاع غزة بعد مشاركته القتال في صفوف داعش عي سيناء. المصادر أشارت إلى أن العرجاني أصيب وبسبب خطورة حالته وحاجته الماسة للعلاج اتصل هاتفيا بقيادات ميدانية في القسام برفح والذين أمنوا مجموعة عسكرية تابعة للكتائب لنقله من داخل أحد الأنفاق إلى غزة لتلقي العلاج.
لكن التعاون هو ليس وحده سيد الموقف. فداعش في سيناء تحارب تهريب الدخان لغزة والذي تستفيد منه ماليا حماس بشكل كبير جدا. لكن هذه الجزئية لم تؤثر على علاقات الطرفين خاصةً وأن حماس بحاجة أكثر للتنظيم لتسيير عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ إلى غزة.
حماس من ناحيتها لا تدع هذا التفاهم يؤثر بشكل كبير على تعاطيها مع الجهاديين في غزة. فقد ذكر مركز ابن تيمية الإعلامي التابع للجماعات الجهادية مؤخرا أن حماس حاصرت منزلا في خان يونس واعتقلت المنظر لتلك الجماعات، الشيخ وائل حسنين، وآخرين كانا برفقته. حيث أشار المركز إلى أن حسنين أفرج عنه في الأشهر الأخيرة وأن عملية الاعتقال تمت بعد ساعات من لقاء بين المخابرات المصرية وقيادة حماس.
التعاون مع حماس يشكل عامل محدود في مجمل أنشطة داعش وتحركاتها في سيناء. الحركة وعلى مستوى قيادتها في الموصل والرقة بدأت تولي أهمية متزايدة لسيناء وهذا يظهر بشكل واضح في وسائل إعلامها وأدواتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي. فلا يخلو يوم تقريبا دون أن يرسل التنظيم وعلى قناته على شبكة التلغرام رسائل عن عملياته في سيناء يحتفي فيها بمقتل وإصابة من يصفهم بالمرتدين من ضباط وعناصر في الجيش والشرطة المصرية. وتتوقع مصادر أمنية أن يزيد هذا الاهتمام في ظل تراجع داعش في كل من سوريا والعراق، تراجع يتزامن مع زيادة نفوذ التنظيم في ليبيا.
ويخشى المراقبون من أن يبدأ التنظيم قريبا باستهداف قوات حفظ السلام في سيناء وذلك وسط أنباء وتقارير أمريكية بدأت تشير الى انتقال جزء من هذه القوات الى جنوب سيناء تفاديا لعمليات متوقعة للتنظيم ضد هذه القوات.
هنا نشير الى أنه وبعد سقوط الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ تفاخر عناصر التنظيم ومؤيديه أن التنظيم نجح بتجنيد عناصر تعمل في المطارات وأن هذه العناصر هي التي ساهمت بزرع العبوة داخل الطائرة الروسية.
من ناحية اخرى يدعي التنظيم أن مصر تستعين بالجيش الإسرائيلي في معركتها ضد مقاتليه في سيناء. فقد ذكرت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية قبل أيام أن طائرات إسرائيلية من أنواع مختلفة هاجمت أهدافا في شبه جزيرة سيناء المصرية.
وأوضحت الوكالة في خبر مقتضب، أن 7 طائرات بدون طيار إسرائيلية وطائرات حربية ومروحيات أباتشي شنت غارات مكثفة على مواقع في شمال سيناء، دون أن تشير إلى مزيد من المعلومات حول الأهداف التي تم قصفها أو وجود قتلى وجرحى جراء ذلك.
وفي مرات سابقة أشارت الوكالة مسبقا إلى تحليق طائرات إسرائيلية عسكرية في أجواء الجزيرة المصرية وشن بعض الغارات ضد أهداف مختلفة سابقا.
رغم الحملة المصرية الغير متوقفة ضده ورغم الأنباء عن تعاون مصري -إسرائيلي في الحرب ضده، الا أن تنظيم الدولة الاسلامية، ولاية سيناء، لا يزال يشكل تحديا كبيرا للنظام المصري. التفاهمات المصرية الحمساوية لن تؤثر كثيرا على الوضع طالما أن التنظيم يحظى بحاضنة اجتماعية في شبه الجزيرة وطالما أن الحدود الليبية المصرية ستظل تزوده بسلاح وبمقاتلين.
فالتنظيم مستمر في سعييه لتحويل سيناء الى معقل أقليمي هو الأقرب له من بيت المقدس والذي يقول أنصار داعش على مواقع التواصل الاجتماعي أن ولاية سيناء من المفترض أن تكون رأس الحربة في المعركة على بيت المقدس.