بالنسبة للكثير من العرب، فليست هناك أية علاقة للرفق بالحيوان وحقوقه بالعالم العربي. بالنسبة لهم، فهذا “شأن غربي”، مثل زواج المثليين ومكانة المرأة، ويجب على الناس أن يديروا حياتهم وينقذوا أنفسهم من الفقر والقهر وعدم القلق بشأن الحيوانات. ويعتبر نشطاء الرفق بالحيوان في كثير من الأحيان متطرّفين مضلَّلين ومضلِّلين.
يرى الكثيرون في العالم العربي الحيوانات ممتلكات وليست مخلوقات ذات وعي بما يجري حولها، وهو اعتقاد خاطئ يسهّل القسوة تجاهها. تؤثر هذه النظرة في المناطق المدنية بشكل أساسيّ على الكلاب، القطط، الخيول والحمير. الأطفال الذين يعذّبون القطط أو يستخدمونها كألعاب في الشوارع، والبلدان التي تطلق النار حتى الموت على الكلاب الضالّة هي ظواهر شائعة في العديد من المدن في الشرق الأوسط.
تحظى الماشية والحيوانات المستخدمة في العمل، بما في ذلك الجمال، بتعامل أكثر عدلا، وإنْ كان لأسباب عملية فقط
وسوى القسوة، هناك أيضًا الإهمال وعدم الاكتراث. يبدو أنّ هناك قلة وعي بخصوص أهمية تعقيم وتطعيم الحيوانات الضالة من أجل السكان أنفسهم. تحظى الماشية والحيوانات المستخدمة في العمل، بما في ذلك الجمال، بتعامل أكثر عدلا، وإنْ كان لأسباب عملية فقط. على أية حال، هناك قوانين قليلة جدا ضدّ القسوة مع الحيوانات، وحتى هذه القوانين فنادرا ما يتمّ فرضها.
إحدى المشكلات المعروفة وهي التجارة غير المشروعة بالحيوانات البرّية. إنّ الاحتفاظ بالحيوانات البرّية والحيوانات الغريبة كحيوانات أليفة هي ظاهرة شائعة في عدّة دول عربية. في الواقع، فالتجارة بالحيوانات هي في المرتبة الثالثة بالمقارنة مع التجارة بالأسلحة والمخدّرات في الشرق الأوسط، من حيث الكمية والتهريب. يتم سجن تلك الحيوانات أحيانا في “حدائق حيوان” (إذا كان يمكن أصلا تسميتها كذلك) حيث شروط المعيشة فيها مروعة. يمكن أن نجد في أسواق مصر في بعض الأحيان قرودًا، تماسيحًا، صقورًا وحيوانات أخرى مهدّدة بالانقراض، فقط بسبب التشريعات الهشّة.
ولكن هذا لا يعني أنّه لم يحدث مؤخرا تحسّن في عدة مجالات في موضوع حقوق الحيوان. فقد ارتفع عدد عيادات الحيوانات ومراكز الرفق بالحيوان في مدن مثل القاهرة، بيروت وعمّان بشكل ملحوظ في العقد الأخير. تقوم منظّمات حقوق الحيوان في عدة دول عربيّة بعمل يستحقّ الثناء لتوفير مأوى للحيوانات وتعديل القوانين والتصورات العامة الضارّة.
عام 2013، اعتمدت السعودية مبادئ توجيهية للرفق بالحيوانات من أجل اتخاذ الإجراءات الصارمة ضدّ من يسيء لها. بحسب صحيفة “العربي الجديد”، تخصّص الحكومات الكثير من الجهود من أجل مكافحة تجارة الحيوانات غير المشروعة وتشارك في مؤتمرات دولية تتناول موضوع الرفق بالحيوان.
وجهة النظر الإسلام السائدة هي التعامل مع الحيوانات كمخلوقات خُلقت من أجل خدمة الإنسان، بالإضافة إلى النظر لحيوانات مثل الكلاب والخنازير باعتبارها نجسة، ممّا يساء تفسيره في كثير من الأحيان كترخيص بممارسة القسوة ضد الحيوانات
بالإضافة إلى ذلك، في نهاية المطاف فإنّ مشكلة العلاقة بين الإنسان والحيوان في العالم مرتبطة بالتوجهات العامة والثقافة العامة. أطلقت منظمات مثل “مؤسسة الحيوانات والمجتمع (ASI)” عدّة برامج جيّدة لتحسين هذا الموضوع بدءًا من سنّ الطفولة. وقد أكّدت هذه المؤسسة ليس فقط على قضايا الأخلاق، الرحمة والتعاطف، وإنما أيضا على أنّ العلاقة بين الإنسان والحيوان تؤثر في قضايا مثل الاقتصاد، التنمية، جودة البيئة وحتى العنف البشري، وهي مشكلة قائمة في معظم الدول العربيّة.
يوضح بعض رجال الدين أنّ الدين يوفر قاعدة قوية لتعزيز حقوق الحيوان. يضع الدين الإسلامي، بحسب قولهم، توجيهات دقيقة جدّا بخصوص الرفق بالحيوان – بدءًا من الذبح الإنساني للحيوانات لحاجيات الغذاء وصولا إلى حظر قتل الحيوانات لأغراض رياضية. ومع ذلك، فإنّ وجهة النظر الإسلامية السائدة هي التعامل مع الحيوانات كمخلوقات خُلقت من أجل خدمة الإنسان، بالإضافة إلى النظر لحيوانات مثل الكلاب والخنازير باعتبارها نجسة، ممّا يساء تفسيره في كثير من الأحيان كترخيص بممارسة القسوة.
“العرب الذين يرفضون حقوق الحيوان باعتبارها “ليست من الأولويات” بالمقارنة مع البشر الذين يعانون من الفقر، القهر والصراعات، يجب أن نتذكر بأنّ الحيوانات تتأثر هي أيضًا من هذه المعاناة”، كما كتب كريم طرابلسي في موقع “العربي الجديد”. ويُضرب مثالا أنه خلال الانتفاضة السورية، قام جنود النظام بتنفيذ مجزرة ضدّ حمير تابعة للثوار. “من قال إنّ الإنسان لا يمكنه وليس بحاجة لقلق بشأن البشر والحيوانات على حدّ سواء؟”، تساءل طرابلسي.
نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في موقع ميدل نيوز