اعلن حزب الله اللبناني المتحالف مع النظام السوري الجمعة ان الانتخابات الرئاسية السورية اثبتت ان الحل السياسي للازمة لا يمكن ان يتضمن بعد اليوم اي نقاش حول رحيل الرئيس السوري بشار الاسد الذي اعيد انتخابه بنسبة تقارب التسعين في المئة من اصوات الناخبين.
ودعا نصرالله كل الجماعات في المعارضة السورية المسلحة الى وقف القتال والتوجه الى المفاوضات بعد ان اثبتت الانتخابات الرئاسية “فشل الحرب العسكرية”.
وياتي كلام نصرالله في وقت تشدد السلطات السورية منذ اعلان نتيجة الانتخابات التي شاركت فيها، بحسب قولها، نسبة تتجاوز ال73 في المئة من الناخبين، على ان هذه الانتخابات ستكون مدخلا للحل السياسي، متوقفة عند “تجديد الشعب ثقته” بالاسد الذي تطالب المعارضة السورية ودول داعمة لها برحيله منذ بدء الحركة الاحتجاجية في البلاد في منتصف آذار/مارس 2011 والتي تحولت الى نزاع دام اوقع اكثر من 162 الف قتيل.
وقال نصرالله في خطاب القاه في احتفال تأبيني لاحد قادة حزب الله قرب بيروت، ان “الثمرة الكبيرة التي تترتب على الانتخابات (السورية) هي التالية: الذي يريد ان يعمل حلا سياسيا في سوريا لا يمكن ان يتجاهل الانتخابات الرئاسية التي حصلت، الانتخابات التي اتت بالدكتور بشار الاسد رئيسا لولاية رئاسية جديدة”.
واضاف ان هذه الانتخابات “تقول (…) ان اي حل لا يستند الى جنيف-1 ولا الى جنيف-2، لا الى صيغة استقالة الرئيس بشار الاسد وتسليمه السلطة ولا الى مفاوضات تفضي الى استقالة الاسد”.
وتابع “لا يمكن وضع شرط مسبق لاستقالة الرئيس ولا يمكن وضع شرط ان المفاوضات تفضي الى استقالة الرئيس. الانتخابات تقول للدول العالمية والاقليمية وللمعارضة السورية (…) ان الحل السياسي في سوريا يبدا وينتهي مع الرئيس بشار الاسد”.
واجرى وفدان من المعارضة والحكومة السوريتين جولتي مفاوضات في سويسرا في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير باشراف الامم المتحدة في اطار ما عرف بجنيف-2، من دون التوصل الى نتيجة. واصطدمت المفاوضات باصرار المعارضة على ان يكون الهدف من التفاوض التوصل الى مرحلة انتقالية تنتهي برحيل الاسد، بينما تمسك النظام بان مصير الرئيس يقرره الشعب من خلال صناديق الاقتراع.
وينص بيان جنيف-1 الذي تم التوصل اليه خلال مؤتمر دولي ضم ممثلين عن الامم المتحدة والدول الخمس الكبرى والمانيا وجامعة الدول العربية وعقد في حزيران/يونيو 2012، على تشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة وتتمتع ب”صلاحيات كاملة”.
ورد الامين العام لحزب الله على الانتقادات الغربية للانتخابات السورية. وقال “هذه انتخابات ملايين وليست انتخابات صفر، كما وصفها البعض”، في اشارة الى وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي قال الاربعاء من بيروت ان الانتخابات السورية “ليست انتخابات، ولا معنى لها، وليست الا صفرا كبيرا”.
وكانت واشنطن ودول اخرى والمعارضة السورية وصفت الانتخابات ب”المهزلة”.
وقال نصرالله ان “الذين وصفوها بالمهزلة والمسخرة وفقدان الشرعية”، انما فعلوا ذلك “نتيجة الفشل والاحساس بالهزيمة والخيبة”.
واقتصرت الانتخابات على المناطق التي يسيطر عليها النظام الذي اشرف عليها.
من جهة ثانية، ناشد نصرالله “الجميع العمل على الحل السياسي”، مشيرا الى ان الانتخابات “هي اعلان سياسي وشعبي بفشل الحرب”.
وتوجه الى الجماعات المقاتلة ضمن المعارضة في سوريا قائلا “ان كل المعطيات الاقليمية والدولية تثبت اليوم ان “لا افق لقتالكم، لا افق لهذا القتال سوى المزيد من تدمير بلدكم والمزيد من سفك الدماء. الجميع يجب ان يسلم ويعترف بان لا افق للحرب العسكرية في سوريا. لن تؤدي الى احتلال سوريا ولا الى سيطرة الاخرين عليها”.
ودعا الى وجوب “ان يذهب الجميع الى المصالحة والحوار والبحث عن مخارج سياسية ووقف نزف الدم والقتال المتواصل”3.
وبارك نصرالله الذي يقاتل حزبه الى جانب القوات النظامية ضد المعارضة المسلحة في سوريا “للشعب السوري هذا الانجاز السياسي المصيري وللرئيس الاسد هذه الثقة المتجددة بقياده لسوريا مجددا نحو السلام والبناء والوحدة الوطنية والموقع القوي المتميز”.
في دمشق، ذكرت وكالة الانباء الرسمية “سانا” ان الاسد تلقى الجمعة برقيتي تهنئة باعادة انتخابه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون اللذين شددا على اهمية الانتخابات في تجديد “ثقة الشعب السوري” بقيادته البلاد الى “الامن والامان”.
ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان مساء الجمعة ان رجلا قتل جراء إصابته بشظايا قذيفة هاون سقطت على شارع بغداد في وسط دمشق. وكان شخصان قتلا ليلا في سقوط قذائف على المنطقة نفسها مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة.
وتواصلت الجمعة الغارات التي ينفذها الطيران الحربي السوري والطيران المروحي الذي يسقط البراميل المتفجرة، على مناطق مختلفة في البلاد، لا سيما منطقة المليحة في ريف دمشق ومناطق في حلب (شمال) وادلب (شمال غرب).
وتحدث المرصد عن “اشتباكات عنيفة” بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وكتائب معارضة من جهة اخرى في بلدة الثورة قرب مدينة الكسوة في ريف دمشق “وسط تقدم قوات النظام وسيطرتهم على اجزاء واسعة من البلدة”.
على خط القتال بين تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” وفصائل من المعارضة المسلحة بينها جبهة النصرة، ذكر المرصد ان هذه الاخيرة تمكنت الجمعة من استعادة بلدة الحريجة في ريف دير الزور الشرقي عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي “داعش” الذين كانوا سيطروا عليها في نيسان/ابريل.