أقر حزب النهضة الإسلامي الاثنين بحلول منافسه حزب نداء تونس في المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية التونسية الاحد، وبانه حل ثانيا في هذه الانتخابات الحاسمة في مهد الربيع العربي التي ستمنح تونس اهم مؤسساتها الدائمة اول مجلس شعب في جمهوريتها الثانية.
واتصل رئيس النهضة راشد الغنوشي برئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي لتهنئته بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية، بحسب ما اعلنت الاثنين سمية ابنة الغنوشي في تغريدة. ونشرت صورة لوالدها يجري اتصالا هاتفيا.
وكان الحزب الاسلامي اقر، بناء على تقديراته الخاصة للنتائج، بان نداء تونس تفوق عليه. وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لفرانس برس ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا.
وأضاف في تصريحات لاذاعة موزاييك التونسية الخاصة “نهنئهم ليس لدينا اي مشكلة في ذلك”.
وبدا حزب نداء تونس الذي يضم خليطا من رموز النظام السابق والوجوه الوسطية واليسارية، واثقا من فوزه.
وكتب على اعلى صفحة الحزب على فيسبوك منذ صباح الاثنين “انتصرنا والحمد لله .. تحيا تونس”. وكان رئيس الحزب قال مساء الاحد ان لديه “مؤشرات ايجابية” على ان حزبه قد يكون “في الطليعة”.
ولم تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حتى الان سوى نتائج جزئية جدا.
ولم يعلن بالتالي حتى الان عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الاحزاب الصغيرة. وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217). وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على 70 مقعدا مقابل 80 لنداء تونس.
ونشرت هيئة الانتخابات مساء الاثنين نتائج جزئية في ولايتين صغيرتين في الجنوب هما توزر وتطاوين (اقل من 80 الف ناخب) وتعتبران من معاقل النهضة الذي حل فيهما في المقدمة.
وقالت الهيئة انها ستنشر باقي النتائج الجزئية تباعا لاحقا.
وبحسب القانون الانتخابي، يتعين على هيئة الانتخابات إعلان “النتائج الاولية” للانتخابات التشريعية في فترة اقصاها الايام الثلاثة التي تلي الاقتراع أي الخميس.
كما يلزم القانون الهيئة بإعلان “النتائج النهائية” خلال فترة 48 ساعة من اخر حكم صادر عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الادارية بخصوص الطعون المتعلقة بالنتائج الاولية.
والباجي قائد السبسي احد اقدم السياسيين في تونس حيث كان تولى مسؤوليات منذ الخمسينات في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة (1957-1987) ثم في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011). ويعتبر المرشح الاوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
وقام نداء تونس بحملة شرسة ضد النهضة واصفا اياها بالظلامية وبالتراخي في التصدي للجماعات السلفية المتطرفة ومركزا على ابراز حصيلة تولي الاسلاميين الحكم في تونس منذ نهاية 2011 وحتى بداية 2014.
وشهدت تونس في 2013 سنة عصيبة شهدت تنامي مجموعات اسلامية متطرفة مسلحة واغتيال اثنين من ابرز القيادات المناهضة للنهضة وازمة سياسية حادة.
وفي نهاية مفاوضات مطولة غادر الاسلاميون وحلفاؤهم الحكم وتم تبني دستور الجمهورية الثانية في 26 كانون الثاني/يناير 2014 الذي حدد تنظيم الانتخابات العامة قبل نهاية العام.
لكن نسبة المشاركة في الانتخابات تراجعت كثيرا عن نسبة المشاركة في انتخابات 2011. وبلغت بحسب معطيات مؤقتة 61,8 بالمئة اي نحو 3,1 ملايين ناخب من اكثر من خمسة ملايين ناخب مسجل واكثر من ثمانية ملايين تونسي في سن التصويت.
وصوت في انتخابات 2011 نحو 4,3 ملايين ناخب تونسي.
ومع ذلك عبر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات شفيق صرصار عن “ارتياحه الكبير” لنسبة المشاركة بعد حملة انتخابية باهتة تعكس خيبة امل الكثير من التونسيين مع استمرار الفقر والبطالة والتهميش اهم العوامل التي كانت وراء الثورة قبل نحو اربع سنوات.
ورغم مخاوف من حدوث اضطرابات واعمال عنف، فقد جرت الانتخابات دون حوادث تذكر تحت رقابة 80 الف جندي وشرطي.
ويمنح دستور الجمهورية الثانية في تونس منذ استقلالها في 1956، صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
وتهدف الانتخابات التونسية لهذا العام الى تمكين البلاد من مؤسسات مستقرة لولاية من خمس نسوات بعد نحو اربع سنوات من الوضع الانتقالي المتازم سياسيا واقتصاديا وامنيا.
لكن ورغم كل شيء تبقى تونس في اعين المجتمع الدولي والمسؤولين التونسيين، تجسد الامل في نجاح عملية انتقال ديموقراطي في الوقت الذي تغرق فيه معظم دول الربيع العربي في الفوضى والعنف.
واشادت فرنسا بما وصفته بالمحطة “التاريخية” وب “التعلق بالديموقراطية” لدى التونسيين. كما اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما ب “الخطوة المهمة في الانتقال السياسي التاريخي في تونس”.