“على خلفية تجاهل أحداث الهولوكوست في الخطاب العام في العالم العربي، نشر رواية مصرية هي الأولى عن الهولوكوست يعد حدثا استثنائيا” استهلت الباحثة الإسرائيلية في شؤون الشرق الأوسط، مقالتها على موقع “منتدى التفكير الإقليمي“، والذي يتطرق إلى الرواية الجديدة للمهندس المدني والكاتب المصري هشام الخشن، “حدث في برلين”.
وكتبت الباحثة أن الرواية التي احتلت قائمة الكتب الأكثر مبيعا في مصر فور إصدارها لا تغفل الحديث عن معاناة اليهود في ألمانيا إبان حقبة الهولوكوست، وأحداثها تستند إلى حقائق تاريخية، وفيها تعاطف مع معاناة اليهود في ألمانيا، وبذلك تعد رواية تغرد خارج سرب إنكار الهولوكوست في العالم العربي والجهل إزاءها.
وتضيف أفيك أن الرواية تعد “بصيص أمل” في خضم ندرة الحديث عن الهولوكوست في العالم العربي والتطرق إليها بشكل موضوعي، مشيرة إلى كتاب إسرائيلي بحثي جديد، عنوانه “من التعاطف إلى الإنكار” (ترجمة حرة)، يرصد تمثيل الهولوكوست في الأدب العربي والفن والصحافة من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى يومنا، يخلص إلى الاستنتاج أن العالم العربي فضل تجاهل مأساة الهولوكوست ولم يتعامل مع معاناة اليهود في حقبة النازيين.
ويشير المؤلفان الإسرائيليان إلى أن معاهدتي السلام مع مصر والأردن لم تغيرا كثيرا في واقع تعامل العالم العربي، تحديدا مصر والأردن، مع الهولوكوست، فعدا عن تجاهل معاناة اليهود، ظل التعامل معها من منظار العداوة للحركة الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل، مثل التركيز على الادعاء أن الحركة الصهيونية استغلت الهولوكوست لأغراض سياسية. وإن كان هناك تغيير في التعامل العربي مع الهولوكوست، فجاء هذا من الكتاب والأدباء العرب المهاجرين، لكن لم يكن هناك صدى لهؤلاء في العالم العربي.
أما عن رواية الخشن، فرغم التعريف بالرواية كما جاء في البيان الإعلامي الذي ظهر في المواقع المصرية أنها تتمحور: “حول هروب فلول النازيين خلال هذه الفترة من برلين ولجوئهم لمصر، والصراع الهائل بينهم وبين الموساد الإسرائيلي”- رغم هذا التعريف الذي لا يذكر التطرق إلى اليهود في الرواية، ربما لاستقطاب القارئ العربي، إلا أن الكاتبة الإسرائيلية تشير إلى مواضع في الرواية تسرد معاناة اليهود خلال الحقبة الزمنية التي تدور في فلكها أحداث الرواية، نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي.
فتقتبس الكاتبة الإسرائيلية فقرات من الرواية تسرد معاناة اليهود مثل المشهد المأخوذ من “ليلة البلور” أو الليلة المعروفة في ألمانيا باسم “ليلة الكريستال”، والتي وقعت في ال9 من نوفمبر/تشرين الثاني 1938، وشهدت موجة عنف ضد اليهود تحت حكم أدولف هتلر والنازيين. والوصف الذي جاء في الرواية هو لتعرض صاحب متجر الرهونات اليهودي مائير وأسرته للاعتداء من قبل شبان ألمان كانوا يهتفون ضد “أعداء الأمة”. وتكتب آفيك أن الرواية تتعقب مآسي عائلة مائير اليهودية في ألمانيا ومن ثم في مصر.
وتشير آفيك إلى أن الرواية تتحدث عن عملية خطف المجرم النازي أدولف أيخمان على يد الموساد وجلبه إلى إسرائيل للمثول أمام القضاء، وتكتب أن الخشن استند إلى مصادر إسرائيلية وغربية في سرد القصة والتزم بكتابة الأحداث الواقعية التي كانت. وتعد الباحثة ذلك على أنه تجديد في سرد وقائع قضية أيخمان، حيث خالف الروائي المنظور السلبي لإسرائيل والقضية في الخطاب المصري والعربي.
وتلفت الباحثة الإسرائيلية النظر إلى أن الخشن قام في نهاية العمل ب “موازنة” حبكة القصة لكي لا تكون منحازة تماما لصالح اليهود، ويظهر ذلك على لسان إحدى الابنتين، إذ تقول “هل تم تعويض البولنديين والسلافيين والغجر الذين قتلهم هتلر مع اليهود في أفرانه؟ هل سمع العالم صوت أنين هؤلاء مثلما سمع عن مأساة اليهود؟ هل تم تعويض الهنود الحمر في أميركا، أو الأرمن على ما تعرضوا إليه من مذابح على يد الأتراك؟ ولعلي أسألك هل اعترف الأتراك بما فعلوا في الأرمن؟”.
وتقدر آفيك أن اختيار الكاتب المصري إنهاء عمله الأدبي على هذا النحو كان بتأثير زوجته المنحدرة من أصول فلسطينية. وتختم الباحثة الإسرائيلية مقالتها بالقول إن المركبات الموازنة التي تظهر في نهاية الرواية لا تقلل من أهمية أجزائها الأخرى، التي تتطرق إلى معاناة اليهود بشكل صريح.
“رغم تقليص مظاهر إنكار الهولوكوست في مصر والعالم العربي، لا يمكن تجاهل الحقيقة أن الظاهرة ما زالت قائمة، لذلك بإمكاننا أن نستمد التشجيع في كتاب الخشن” كتبت آفيك.