تكون إدارة ضحايا الجيش الإسرائيلي مشغولة جدا في هذه الأيام. إنه الجناح العسكري المسؤول عن التواصل مع أسر الجنود الذين لقوا حتفهم. بدءًا من لحظة الخبر الأصعب من كل شيء، مرورا بالمرافقة في أيام الحداد، نقل كافة مواد التحقيق بخصوص وفاة عزيزهم، ومن ثم الحفاظ على علاقة متواصلة مع الأسر على مرّ السنين. في كل عام، في يوم ذكرى شهداء الجيش الإسرائيلي، تُدعى كل الأسر للمشاركة في مراسم رسمية، تُقدم لها المساعدة في القدوم، وتُرتب كافة الترتبات من أجلها.
ولكن يُبذل عمل صعب حقا طيلة العام. في مقابلة خاصة مع طاقم موقع “المصدر” تتحدث رئيسة قسم التواصل مع الأسر في إدارة ضحايا الجيش الإسرائيلي، الرائد إلينور برزني، عن هذه الإجراءات الصعبة.
عندما يسقط جندي ضحية، ويكون الخبر مؤكدا، نسارع قدر الإمكان في الوصول إلى منزل الأسرة، من أجل إخبارها بهذا الخبر الصعب بأسرع وقت ممكن. قبل أن يسمع أفرادها عن ذلك من خلال وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. يقع هذا الجزء تحت مسؤولية “مخطِري الضحايا”، وهم متطوعون في الاحتياطي موجودون على استعداد تام على مدار الساعة طوال العام. وهم موزعون وفقا للأماكن الجغرافية، وفي اللحظة التي تكون فيها حادثة في منطقتهم، فإنهم يصلون خلال نصف ساعة على الأكثر إلى مكتب ضابط المدينة، يتلقون إرشادات ويسافرون إلى منزل الأسرة”.
في المرحلة الثانية، يكون المسؤول عن مرافقة الأسرة خلال أيام الحداد وحدة ضابط المدينة في منطقة سكن الأسرة، وهي وحدة تنتمي هي أيضًا إلى إدارة الضحايا. إنها مرحلة قصيرة تستمر لعدة أيام، 7 أيام حداد عند اليهود، 3 أيام حداد عند الأسر المسلمة والدرزية. تشتمل هذه المرحلة بشكل أساسيّ على زيارات إلى منزل الأسرة، مساعدة في مواجهة الصدمة الأولى، بل وأحيانا أيضًا تقديم معلومات عن اللحظات الأخيرة لفقيدهم، ومساعدة إدارية (مثل تنظيم الجنازة، على سبيل المثال).
في المرحلة التالية يرافق رئيس قسم الضحايا والتواصل مع الأسرة هذه الأسرة. “نحن نكون على علاقة مستمرة مع الأسرة”، كما تقول لنا برزني. “إنها علاقة شخصية جدا، رئيسة القسم تعرف الأسر شخصيا، وتزورهم. من أجل ذلك فهذه دور يستمر لوقت أطول من الوظيفة العادية في الجيش الإسرائيلي، عدة سنوات ليست بالقليلة. هناك أيضًا رئيس قسم خاص بأسر الضحايا الذين هم من الأقليات. هذا مهم، إنه يعرف لغة، ثقافة، وعادات الأسرة. بالإضافة إلى ذلك هناك ضباط الضحايا في الوحدة المحددة التي خدم فيها الجندي”.
إنها علاقة تستمر على مدى سنوات، “للأبد”، كما تؤكد برزني. بدءًا من المساعدة في كل ما يتعلق بتجنيد أبنائهم الآخرين للجيش، مرورا بتقديم مواد تحقيق للأسرة، وصولا إلى المساعدة الاقتصادية للأسر. يعمل الجيش كل ما في وسعه كي يدعم الأسر، ويوفر لها كل ما تحتاجه.
في السنوات الأولى تكون العلاقة مكثّفة أكثر، بطبيعة الحال، وبعد ذلك يتم الاحتفاظ بالعلاقة، ولكن على نحو أقل. هناك أسر ليست بحاجة إلى علاقة متواصلة، ولكن العلاقة تتجدد فقط في أيام الذكرى، وهناك أسر ترى أهمية في العلاقة معها، وحينها يتم الحفاظ عليها شهريا، بل وأحيانا أسبوعيا.
هل هناك حالات لا ترغب فيها الأسر في التواصل معكم إطلاقا؟
في حالات نادرة، هناك أسر قليلة ترفض وتغضب. نحن هناك من أجل عمل شيء جيد للأسر، من أجل التخفيف عنها. إن لم يكن في فعلنا ما هو جيد لها فلن نفعل أي شيء. نحن نهتم جدا بحاجات الأسر، فهي الأساس، ونحن نعمل على توفيرها.
حدثيني عن حادثة صعبة بشكل خاصّ رافقتها مؤخرا.
هناك صعوبة كبيرة بشكل أساسيّ في الحالات التي عرفنا فيها الجندي القتيل، على سبيل المثال، قائد كتيبة كنت أذهب معه سويا لزيارة أسر الشهداء، وفجأة يجب زيارة أسرته ذاتها. هذا صعب جدا. أو جندي رافقته عندما كان مريضا بمرض صعب، وقد تعرفت عليه جيدا، وأيضا على أسرته. في مثل هذه الحالات تنشأ علاقة أكثر خصوصية مع الأسر، والتي تكون علاقة قريبة على مرّ السنين.