الولايات المتحدة تبذل جهودًا محمومة لإنقاذ المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية، العالقة منذ زمن. تحدّث في الأيام الأخيرة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمّان لعدّة ساعات، وبالمقابل تحدّث أيضًا مع نتنياهو. أمس أيضًا تحدّث كيري هاتفيّا مع الزعيمين من روما، لساعة بينما كان يجلس إلى جانب رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما.
ويتواجد المبعوث الأمريكي مارتن إنديك حاليّا في الشرق الأوسط، وهو يقفز من القدس إلى رام الله عدّة مرات يوميًّا، كما اجتمع مع تسيبي ليفني ويتسحاق مولكو من الجانب الإسرائيلي، وصائب عريقات وعباس في الجانب الفلسطيني.
وينبع القلق الأمريكي من أن يثير انهيار المفاوضات الشكّ بأنّ تنفّذ إسرائيل الدفعة الرابعة من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين لدى دخول ليلة السبت القريبة. إنّ إلغاء تسريح الدفعة سيؤدّي إلى إيقاف فوري للاتصالات من قبل الفلسطينيين، بل حتى إنْ نُفّذت الدفعة فمن المتوقع أن يضع الفلسطينيون سلسلة من الشروط لمواصلة المفاوضات.
وتقول مصادر مشاركة في المفاوضات إنّ الأمريكيين يمارسون ضغطا كبيرًا على الطرفين في محاولة لمنع انهيار المحادثات، ومرّروا للجانبين سلسلة من الاقتراحات المختلفة تهدف إلى إنقاذ المحادثات. طالب الجانب الفلسطيني بإطلاق سراح مروان البرغوثي من السجون الإسرائيلية، تجميد البناء وراء الخطّ الأخضر، إزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية وفتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية. ومن الممكن أن يكون هناك طلب للإفراج عن جوناثان بولارد في الجانب الإسرائيلي، ولكن تمّ نفي وجود نيّة أمريكية بذلك قبل عدّة أيّام من قبل المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية.
قال مدير عامّ وزارة الأسرى في السلطة الفلسطينية، زياد أبو عين، إنّ اللقاء الأخير بين إنديك وعباس انتهى دون نتائج، وقد وضعت إسرائيل شروطًا جديدة لإطلاق سراح الأسرى. ويدّعي أبو عين أنّه لا يوجد مكان إطلاقًا لوضع الدفعة الرابعة تحت علامة سؤال، فقد التزمت إسرائيل بها قبل بداية المحادثات. وأضاف أبو عين في صفحة الفيس بوك الخاصة به: “لن ندفع الثمن مرّتين. 8 شهور مورس بها قتل واستيطان وعدوان واعتقالات ولم نتوجه لأي مؤسسه دوليه تنفيذا للاتفاق”.
أيضًا في إسرائيل نفسها تتنامى الضغوط الشعبية لرفض إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين لأنه من المتوقع ألا تستمر المحادثات لفترة أطول بكثير. ومن المتوقّع أن تُقام مظاهرة مساء السبت باسم منظّمة العائلات الثكلى “ألماجور” ضدّ إطلاق سراح الأسرى.
وأعربت جهات في كلا الطرفين في محادثات مغلقة عن تشاؤمها بأنّ المحادثات لن تستمرّ لوقت طويل. وينبع التشاؤم من انعدام الثقة العارم السائد بين نتنياهو وعبّاس، بالإضافة إلى الجدل الكبير في قضية الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل. ويبدو أنّ أحدًا من الطرفين ليس مستعدّا للتنازل بخصوص تعريف دولة إسرائيل: نتنياهو يعود ويعلن من فوق كلّ منصّة ممكنة أنّها قضية حادّة، في حين أنّه في الجانب الآخر، قد قرّرت الجامعة العربية قبل أيّام معدودة فقط دعم الموقف الفلسطيني وعدم الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل.
وحتى لو تمّت الدفعة الرابعة، فلن تتمّ بموعدها المخطّط له في جميع الأحوال. كان على إسرائيل نشر قائمة أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتمّ إطلاق سراحهم مساء السبت، ولكن قائمة كهذه لم تُنشر. من الجانب الآخر، قالت وزارة الأسرى الفلسطينيين لعائلات الأسرى إنّه لن يتمّ تنفيذ إطلاق سراحهم في الموعد المرتقب. في الوقت الذي كان من المفترض أن يتمّ فيه إطلاق الدفعة الرابعة، من المتوقع أن تقوم بالتزامن مسيرة فلسطينية إلى سجن عوفر، ومظاهرة حاشدة أمام المقاطعة وأعمال شغب للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.