بتاريخ 24 تشرين الأول، نشرت الصحيفة الإيرانية “الشرق” مقابلة مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح العاروري، المتواجد في طهران في هذه الأيام. في مقابلة مع قيادي حمساوي طُرحت أسئلة ثاقبة حول موقف حماس في السنوات الأخيرة تجاه إيران وسوريا. سُئل العاروري، كيف يمكن أن تثق طهران بحماس مِن جديد، بعد أن تخلت عنها حماس التي تمتعت بدعم إيران طيلة سنوات، لصالح السعودية.
تأتي زيارة الوفد الحمساوي برئاسة العاروي إلى إيران للمرة الأولى منذ أن بدأ العاروري بشغل منصبه وبعد التوقيع على اتفاق التسوية والمصالحة بين حماس وفتح. تطرقت لقاءات الوفد مع المسؤولين الإيرانيين إلى التطورات في الحلبة الفلسطينية وإلى تعزيز التعاون بين إيران وحماس بعد سنوات من التوتر بينهما.
ازدادت المُساعَدة الإيرانية لحماس بشكل ملحوظ بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة في حزيران 2007. اعتقدت إيران أن ترسيخ سيطرة حماس هام لإدارة النزاع المسلح ضد إسرائيل وضروري لدفع تأثيرها في الحلبة الفلسطينية. رغم هذا أدت الحرب الأهلية السورية إلى شرخ عميق بين إيران وحماس. بينما عززت طهران دعمها لنظام الأسد، تخلت حماس عن إيران ودعمت المعارضة السورية. أدى إحباط إيران من إدارة حماس إلى تقليص المساعدات التي حصلت عليها الأخيرة بشكل ملحوظ، رغم استمرار العلاقة بين إيران والجناح العسكري لحركة حماس. أثارت الحرب في غزة في صيف 2014 أملا مجددا في طهران فيما يتعلق بإمكانية إعادة تأهيل علاقاتها مع حماس، ولكن دعم حماس للهجوم العسكري السعودي في اليمن في آذار 2015، وزيارة خالد مشعل إلى الرياض في تموز 2015، عززا الأزمة في العلاقات.
إن تعزيز الكتلة الداعمة لإيران برئاسة زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، العاروري وآخرين، في الانتخابات الأخيرة التي أجرتها حماس، وكذلك الضائقة المادية التي تعرضت لها، ورغبة إيران في القيام بدور مركزي في الحلبة الفلسطينية، شق جميعها الطريق لتحسين العلاقات بين إيران وحماس. في بداية شهر آب، زار علي أكبر ولايتي، مستشار كبير لزعيم إيران، لبنان والتقى بوفد من المسؤولين في حماس. بالمقابل، استغلت حماس مراسم أداء القسم للرئيس روحاني لزيارة وفدها إلى طهران. التقى الوفد مع مسؤولين إيرانيين كانوا قد شددوا أمامه التزام إيران بمتابعة دعمها للفلسطينيين.
رغم موقف النظام الإيراني الأيدولوجي المتطرف غير المتساهل تجاه إسرائيل، فإن موقف الجمهور الإيراني معقد أكثر ويتميز بدعم النضال الفلسطيني من أجل استقلاليته إلى جانب التحفظ من المساعدة المالية والعسكرية للفلسطينيين بشكل عام ولحماس بشكل خاص، لأنها تأتي على حساب الاهتمام بضائقة المواطنين. ولكن لا يؤثر هذا الموقف حقا في بلورة سياسية إيران.
https://www.facebook.com/COGAT.ARABIC/photos/a.599677736849976.1073741828.435957679888650/906283486189398/?type=3&theater
خلافا لما كتبه منسق العمليات في الأراضي، اللواء يوآف (بولي) مردخاي قبل عدة أيام في صفحته على الفيس بوك ردا على زيارة الوفد الحمساوي إلى طهران، لا تدير إيران شؤون حماس في هذه المرحلة في قطاع غزة. رغم هذا، لا شك أنه للمرة الأولى هناك مصالح مشتركة بين إيران المعنية بأن تطأ قدمها مجددا في قطاع غزة وتعزز تأثيرها في الأراضي الفلسطينية، وبين حماس التي تحتاج الآن إلى مساعدة إيران المالية والعسكرية أكثر من أيّ وقت مضى. في ظل هذه الظروف يبدو أن كلا الجانبين مستعدان لنسيان الماضي، رغم أن التطوّرات في الشرق الأوسط في السنوات الماضية أثبتت أن التحالفات والتعاونات في المنطقة مؤقتة وتتغير دون توقف.